وقيل: إن الخطابَ مختصٌّ بالأولياء (١)؛ لأن العربَ كانتْ لا تعطي النساءَ من المهورِ شيئًا إن كان الزوجُ من القبيلة، وإن كان غريبًا حملوها على بعيرٍ فقط، حتى يُمدَحَ كِرامُهم بتركِ الأخذِ، فقال: [من بحر الرجز]
لا يأخذُ الحُلْوانَ من بَناتِنا (٢)
والأمرُ يقتضي الوجوبَ على كل من التقديرات، فلا يجوزُ المواطأة على تركِه (٣).
* ثم أباحَ اللهُ لنا ما طابتْ عنهُ نفوسهُنَّ، وجعلَهُ هنيئًا مريئًا، فقال: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤].
قال عليٌّ -رضي الله تعالى عنه-: إذا اشتكى أحدُكم، فليسألِ امرأتَهُ ثلاثةَ دراهِمَ منْ صَداقِها، ثم لْيَشْتَرِ بها عَسَلًا، فيشربُه بماءِ السماءِ، فيجعلُه الله هنيئًا مريئًا وشفاءً مباركًا (٤).
(١) وهو قول أبي صالح. واختاره ابن قتيبة والفراء. انظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٢٤١)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٨٢)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٤٩٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ٢٢).
(٢) قال أبو عبيد: ويطلق الحلوان على من أخذ مهر ابنته لنفسه، قال: وهذا عار عند العرب، قالت امرأة تمدح زوجها:
لا يأخذ الحلوان من بناتنا
انظر "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ٥٣).
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٦/ ٦٧)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٣/ ٩٦٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ٢٢).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٣٦٨٧)، عن علي بن أبي طالب، وفيه: =