وقال أبو حنيفةَ: ليس ببلوغٍ، ولا بدليلٍ عليه (١).
* وإيناسُ الرشدِ؛ علمُه وتحققُه، مُقْتَصٌ من قوله تعالى: ﴿آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا﴾ [القصص: ٢٩]، أي: أَبْصَرَ، فلا يُدفَع إليه المالُ مع ظَنِّ الرشد دون تيقُّنه، والرشدُ هو الصَّلاحُ، ويقع على الصلاحِ في العقلِ وحفظِ المال، ويقع على الصلاحِ في الدينِ والمال، ويقع على الصلاحِ في المالِ فقط، ويقع على الصلاح في الدين فقط، وبكلِّ واحدٍ قال ناسٌ (٢) من المفسرين (٣).
وقيل: الرُّشْدُ -بالضم- يقع على الصلاح في المال، والرَّشَدُ (٤) -بالفتح- يقع على الصلاح في الدين، ونقل عن أبي عمرو (٥).
أما الفقهاءُ، فاختلفوا في المعنى المرادِ به، فقال أبو حنيفةَ ومالكٌ:

(١) انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٩/ ١٨٥).
(٢) في "ب": "أناس".
(٣) اختلف المفسرون في معنى الرشد على أقوال:
الأول: هو الصلاح في الدين وحفظ المال؛ قاله ابن عباس والحسن.
والثاني: الصلاح في العقل وحفظ المال؛ روي عن ابن عباس والسدي والثوري.
الثالث: هو العقل؛ قاله مجاهد والنخعي.
الرابع: العقل والصلاح في الدين؛ روي عن السدي والحسن وقتادة وغيرهم.
انظر: "تفسير الطبري" (٣/ ٢٥٢)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٥٨)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٣/ ٥٠٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ٣٤/١).
(٤) "والرشد" ليس في "أ".
(٥) ذكر الزبيدي في "تاج العروس" (٨/ ٩٥): أن جماعة فرقوا بين المضموم والمحرك، فقالوا: الرشد -بالضم- يكون في الأمور الدنيوية والأخروية، وبالتحريك إنما يكون في الأخروية خاصة.


الصفحة التالية
Icon