وقيل: الفاحشةُ: البغضُ والنشوزُ، ورويَ عن ابن عباسٍ وابنِ مسعودٍ (١).
فأحلوا أخذَ مالِها عندَ نشوزِها.
وبه قال مالكٌ (٢) والشافعيُّ (٣)، فحلَّ (٤) الخلعُ في هذه الحالةِ بهذه الآية، وحلَّ في غيرِها إذا كانَ النشوزُ منهما بآية البقرة (٥).
* فإن قيل: فقد بينَ الله سبحانه أنه لا يحلُّ للأزواجِ أن يذهبوا ببعض ما آتوا النساءَ على جهة العَضْلِ والمُضارَّةِ إلا عندَ الإتيانِ بالفاحشةِ، فهل يَحِلُّ للأزواج أن يذهبوا ببعضِ ما آتَوْهُنَّ على غيرِ جهةِ المُضارة؟ قلنا:
- أما إذا أتينَ بالفاحشةِ، فيحل لهمُ الأخذُ؛ لأنه إذا حلَّ مع العَضْلِ بالمُضارَّةِ، فمع عدمِها أولى.
- وأما إذا لم يأتينَ بالفاحشةِ، فيحلُّ أيضًا إذا خافا ألا يقيما حدودَ الله، كما مضى في "سورة البقرة" (٦).

(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣١٠)، وقد جاء عن الضحاك وقتادة وعطاء مثله.
(٢) قال ابن عطية: إلا أني لا أحفظ له نصًّا في معنى الفاحشة في هذه الآية. انظر: "المحرر الوجيز" (٢/ ٢٨).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ١٩٧)، و"الحاوي" للماوردي (١٠/ ٥).
(٤) في "ب": "فجعل".
(٥) قال الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣١١): وأولى ما قيل في تأويل قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ أنه معني به كل فاحشة من بذاءة باللسان على زوجها وأذى له وزنا بفرجها.
(٦) في قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ=


الصفحة التالية
Icon