والحكمةُ إيقاعُ البُغْضِ (١) والتقاطعُ بين الأرحام.
* وبَيَّنَ النبيُّ - ﷺ - أن الجمعَ بين المرأةِ وخالَتِها، وبينَ المرأةِ وعمَّتِها في معنى الجمعِ بين الأختين (٢)، وعلى هذا اتفق أهلُ العلم (٣).
قال أبو عبد الله الشافعيُّ: وهو قولُ من لَقِيتُ من المُفْتين، لا اختلافَ بينهم فيما علمتُه (٤).
والاستثناءُ في قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ راجعٌ إلى الجملَةِ الأخيرة، قال ابنُ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: كان أهلُ الجاهلية يُحَرِّمون ما حَرَّمَ اللهُ، إلا امرأةَ الأبِ، والجمعَ بين الأختين (٥).
* ثم حرم الله سبحانه المزوَّجاتُ من النساءِ على غير أزواجهنَّ، فإنه أكبرُ الزنا وأعظمُه، فقال: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، والمراد بالمُحْصنات هنا: المزوَّجات (٦).
فإن قال قائل: فبيِّنْ لنا حقيقةَ الإحصان، والدليلَ على أن المرادَ به المزوجاتُ؛ فإنَّا رأينا الإحْصانَ يقعُ في كتابِ الله على معانٍ مختلفة.

(١) في "ب": "البغضاء".
(٢) روى البخاري (٤٨٢٠)، كتاب: النكاح، باب: لا تنكح المرأة على عمتها، ومسلم (١٤٠٨)، كتاب: النكاح، باب: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله - ﷺ - قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
(٣) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٣١)، و"شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٩١)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٣٢).
(٤) انظر: "الأم " للإمام الشافعي (٥/ ٥)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ١٦٦).
(٥) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣١٨).
(٦) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٣٥)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٤٧٤).


الصفحة التالية
Icon