للقرآن، وفي هذا الوجه (١) نظر (٢).
فلقائل أن يقول: لا تعارُضَ بينَ نكاحِ المتعةِ والنكاحِ الصحيح؛ لأنَّ (٣) النكاحَ كان على نوعين.
فحيث اشترط ذلكَ، كان متعةً كما شرط، وحيث ذكر الرجلُ المُسَمَّى ووقتَ النكاح، كان متعةً من خصائصِه تركُ الميراثِ وعدمُ الحاجةِ إلى الطلاق، وإن لم يشترطْ، ولم يسمَّ الأجلَ، كان نكاحًا تامًا مؤبدًا يترتَّبُ عليه أحكامُهُ من الطلاقِ والميراثِ والعدَّةِ.
فيكون الراجحُ ما قال الآخرون: إن الآية مُحكمة، والمعنى: فما استمتعتم به منهن، أي: فما انتفعتم به، وتلذَّذْتُم من النساء بالنكاحِ الصحيحِ، فآتوهُن أجورَهُن، أي: مُهورَهُنَّ فريضةً (٤).
ولكنه يُضَعِّفُ هذا الترجيحَ ويقوِّي تأويلَها بنكاحِ المُتعة قولُه تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤].
فإن قيل: معنى ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤، أي: لا إثمَ عليكم في أن تهبَ المرأةُ للزوجِ مهرَها (٥)، أو يهبَ
(٢) أراد -والله أعلم- بقول: "وفي هذا الوجه نظر"؛ أي: كون الآية نزلت في نكاح المتعة وأنها منسوخة.
(٣) في "ب": "بل".
(٤) وهذا قول الجمهور وإحدى روايتي ابن عباس وقول مجاهد والحسن ورجحه الطبري في "تفسيره". انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ١٣)، و "نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص: ١٢٤)، و "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٨٦)، و "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩١٩)، و "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٤٩٩).
(٥) روي ذلك عن ابن عباس، وبه فسر الزَّجاجُ الآية. انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ١٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٢٥)، و "الجامع لأحكام القرآن" =