الرجلُ للمرأةِ تمامَ المَهْرِ (١) إذا طلقها قبل الدخول (٢).
قلنا: رفعُ الجُناحِ لا يُستعمل في اللِّسانِ في أداء الفريضة، ولا في فعل البِرِّ، وإنما يَرِدُ فيما له أصلٌ في المنع (٣).
فإن قيل: قراءةُ الصحابيِّ بطريق الآحاد لا تثبتُ قرآنًا (٤)، ولا تبلغ بيانَ السنةِ عندَ المحققين من أهل الاستدلال.
قلنا: ينبغي أن يكون هذا بمنزلة التفسير، وتفسيرُ الصحابيِّ أولى من

= للقرطبي (٥/ ١٣٥)، و"التفسير الكبير" للرازي (١٠/ ٤٥).
(١) في "ب": "مهرها".
(٢) وقيل في تأويلها على قول من قال: إنها محكمة، معان أخر:
منها: لا حرج عليكم أيها الأزواج إن أدركتكم عسرة بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهن فريضة فيما تراضيتم به من حط وبراءة بعد الفرض الذي سلف منكم لهن ما كنتم فرضتم، وهو قول المعتمر بن سليمان ورجحه الطبري.
وقيل في تأويلها أيضًا: ولا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهن أجورهن على استمتاعكم بهن من مقام وفراق، والتراضي أن يخيرها أو يوفيها صداقها ثم يخيرها.
انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ١٣ - ١٥)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٢٠).
(٣) قلت: قد يجاب على إيراده هذا: أن رفع الجناح هنا جاء ردًا على من قد يتوهم أن رد المرأة مهرها لزوجها أو وهب الرجل تمام المهر للمطلقة قبل الدخول، فيه مانع شرعًا -على حسب الاختلاف في تفسير الآية- ونظيره قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ فقوله: (ليس عليكم جناح) هنا جاء لمن يتوهم أن ابتغاء الرزق في الحج ممنوع والأمر ليس كذلك، ومثله قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾.
(٤) يقصد ما قدمه من قراءة ابن عباس وابن مسعود وأُبَي وابن جبير: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).


الصفحة التالية
Icon