تفسير غيره، على الصحيحِ عندهم في تفسير السنة بأحدِ الوجوه عندَ قيامِ احتِمالها، فكذلك ينبغي أن يرجِّحوا به أحدَ الوجوه عند احتمال القرآن لها، ولم أر هذا لأحدٍ من الأصوليين (١)، ولكنه متَّجِه عندي (٢).
وأما ابنُ عباسٍ فيقول: إنها محكمة في إباحة المتعة، وقد اشْتُهر عنهُ

(١) قد تكلم في نحو هذه المسألة كثيرون، ومن أول من أشار إليها الحاكم. انظر: "المستدرك" للحاكم (٢/ ٢٨٣)، و "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" للقاضي عياض (١/ ٢٧)، و "شرح مسلم" للنووي (١٣/ ١٨٣)، و"المسودة في أصول الفقه" لآل تيمية (ص: ١٥٨).
(٢) أصَّل العلماء لهذه المسألة فقالوا: يبحث أولًا عن صحة السند إلى الصحابي، ثم ينظر؛ فإن فسره من حيث اللغة فَهُمْ أهلُ اللسان، فلا شك في اعتمادهم، أو بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه.
ثم إن كان ذلك التفسير مما لا مجال للاجتهاد فيه فهو في حكم المرفوع، وإن كان يمكن أن يدخله الاجتهاد، فلا يحكم عليه بالرفع.
وإذا احتمل اللفظ أمرين احتمالًا واحدًا فصرفه إلى أحدهما كما روي عن عمر أنه حمل قوله - ﷺ -: "الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء" على القبض في المجلس، فقد قيل: يقبل لأنه أعرف بمعنى الخطاب قال الشيخ أبو إسحاق: فيه نظر عندي.
وقال شيخه أبو الطيب: يجب قبوله.
واشترط بعض العلماء لترجيح قول الصحابي على غيره شروطًا منها:
- أن لا يكون في المسألة نص يخالفه.
- أن يقول في الآية قولًا لا يخالفه فيه أحد من الصحابة، سواء علم لاشتهاره أو لم يعلم.
قلت: وما ذكر المصنف في الاحتجاج لقوله في أن الآية في المتعة فُقد فيه الأمران فهناك من النصوص ما قد يدل على خلافه، وخالف ابنَ عباس في تأويله عدد من الصحابة بل إن لابن عباس روايتين في تفسير الآية. انظر: "أعلام الموقعين" لابن القيم (٤/ ١٥٣ - ١٥٥)، و"النكت على مقدمة ابن الصلاح" لابن حجر (١/ ٤٣٤ - ٤٣٦)، و"الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (٤/ ٤٨٣).


الصفحة التالية
Icon