القولُ بها وتبعه أصحابُه من أهلِ مكة واليَمَن (١)، وربما فهم القول به من بعضِ الأحاديثِ عن ابن مسعود (٢)، وكان ابنُ عباس -رضي الله تعالى عنه- يحتجُّ بهذه الآية، وروى عنه ابنُ جُرَيْجٍ وعمرُو بنُ دينار: أنه كان يقول: ما كانتِ المتعةُ إلا رحمة من الله -عزَّ وجلَّ- رَحِم بها أمةَ محمدٍ - ﷺ -، ولولا نَهْيُ عُمَر عنها، ما اضطُرَّ إلى الزنا إلا شَقِيٌّ (٣).
وخَرَّجَ مسلمٌ عن جابرِ بنِ عبدِ الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: تَمَتَّعْنا على عهدِ رسول الله - ﷺ -، وأبي بكرٍ، ونصْفًا من خلافةِ عُمَرَ، ثم نهى عنه عُمَرُ الناسَ (٤).

(١) منهم عطاء وسعيد بن جبير وطاوس. انظر: "شرح البخاري" لابن بطال (٧/ ٢٢٥)، و"الاستذكار" (٥/ ٥٠٦)، و"التمهيد" كلاهما لابن عبد البر (١٠/ ١١٣ - ١١٦)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٤٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١٣٣)، و"فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٧٣).
(٢) وهو قول ابن مسعود: كنا نغزو مع رسول الله وليس معنا نساء، فأردنا أن نختصي، فنهانا عن ذلك رسول الله - ﷺ -، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء.
قال الشافعي: ذكر ابن مسعود الإرخاص في نكاح المتعة ولم يوقت شيئًا يدل أهو قبل خيبر أم بعدها، فأشبه حديث علي بن أبي طالب في نهي النبي عن المتعة أن يكون والله أعلم ناسخًا، فلا يجوز نكاح المتعة بحال... انظر: "اختلاف الحديث" للشافعي (١/ ٥٣٤). ثم قد روي عن ابن مسعود أنه قال: نسخها آية الطلاق والعدة والميراث. وسيأتي، فهذا صريح في أن مذهب ابن مسعود تحريم المتعة.
(٣) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٢٦). وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٥٠٦)، و"التمهيد" له أيضًا (١٠/ ١١٤)، "وبداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٤٤)، و "الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٤٨٧).
(٤) رواه مسلم (١٤٠٤)، كتاب: النكاح، باب: نكاح المتعة، عن عطاء قال: قدم جابر بن عبد الله معتمرًا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا =


الصفحة التالية
Icon