وبالثاني قال الجمهورُ.
ويروى القولُ بالأولِ عن عطاءٍ والحَسَنِ (١).
وهو بعيدٌ؛ لأنه لو جازَ تعلُّقُه بالمرضِ، لما كانَ لذكره فائدةٌ، لأنه إذا جازَ للصحيح التيمُّمُ عندَ عدمِ الماءِ، فالمريضُ أولى بالجواز، فذكره المرضَ حَشْوٌ لا فائدةَ له؛ وليس كذلك.
* ثم مقتضى مفهومِ تخصيصِ التيمُّم بالحالتين أنه لا يجوزُ في غيرِهما، وهو كذلك عندَ أهلِ العلم، ولكنهم ألحقوا بالحالتين ما كان في معناهما؛ لبيانِ النبيِّ - ﷺ - (٢).
روى جابرٌ -رضي الله تعالى عنه-: أنَّ رجلاً أصابه حَجَرٌ في رأسه، فَشَجَّهُ، ثم احتلمَ، فاغتسلَ، فمات، فقال النبي - ﷺ -: "إنَّما كان يَكْفيهِ أن يَتَيَمَّمَ ويَعْصِبَ على رَأْسِهِ خِرْقَةً يَمْسَحُ عليها، ويَغْسِلَ سائِرَ جَسَدِهِ" (٣) (٤).
وروى عمرُو بنُ العاصِ -رضي الله تعالى عنه- قال: احتلمتُ في ليلةٍ
(٢) انظر: "الأم" للشافعي (١/ ٤٢)، و"الكافي" لابن قدامة (١/ ٦٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٢١٧).
(٣) رواه أبو داود (٣٣٦)، كتاب: الطهارة، باب: في المجروح يتيمم، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٦/ ٤٤٧)، والدارقطني في "سننه" (١/ ١٨٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٢٧).
(٤) من العلماء من فرق بين الجرح والمرض، ولم يجعل الجرح داخل في المرض، فمن جرح يغسل ما لا ضرر عليه ويتيمم لا يجزئه أحدهما دون الآخر، ولعل المصنف جاء بالحديث لهذه العلة، أما إن أدخلنا الجرح في المرض، فلا يصلح الحديث للاستشهاد، والله أعلم.