باردةٍ في غَزاةِ ذاتِ السلاسل، فأشفقت إن اغتسلتُ أن أهلكَ، فتيمَّمْتُ وصلَّيتُ بأصحابي صَلاةَ الصبح، فذكر ذلك لرسول الله - ﷺ -، فقال: "ياعَمْرُو! صَلَّيْتَ بأَصْحابكَ وأَنْتَ جُنُبٌ؟ " فقلت: سمعت اللهَ يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩]، فضحك رسولُ الله - ﷺ -، ولم يقلْ شيئاً (١) (٢)، فاستدلوا بقوله وبإقراره على أن ذلك في معنى المَرَض؛ لوجود العلَّةِ فيهما، وهو الضررُ باستعمال الماء.
* وجَوَّزوا التيمُّمَ عندَ العجزِ عن الوصولِ إلى الماء، إما لخوفِ عدوٍّ أو سَبُعٍ، أو عدمِ آلةٍ يغرفُ بها الماء؛ لوجود العلَّةِ، وهي العجزُ عن الماء، فهو كالذي لم يجدِ الماء (٣).
* واختلفوا في الصحيحِ إذا عدم الماءَ في الحَضَرِ.
فقال أبو حنيفة: لا يتيمَّمُ، ويقفُ إلى أن يجد الماء؛ عملاً بمفهوم التخصيص بالصفتين، ولمفهوم الشرط، وهو السفر (٤).
(٢) وهذا الحديث أيضاً لا يصلح للاستشهاد لأن عمرو -رضي الله عنه - كان في غزوة ذات السلاسل كما صرح في أول الحديث، أي: أنه كان مسافراً.
(٣) انظر: "الأم" للشافعي (١/ ٤٦)، و"المجموع" للنووي (٢/ ٢٨٦)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ١٥)، و"المبسوط" للسرخسي (١/ ١١٤)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ١٥١).
(٤) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٧٠)، و"الهدية شرح البداية" للمرغيناني (١/ ٢٥)، و"رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٢٤٩).