وقال مالكٌ، والشافعيُّ، والأوزاعيُّ: يتيمَّمُ (١)، إلا أن الشافعيَّ قال: عليه الإعادةُ (٢).
فكأن هؤلاءِ لم يروا ذكرَ السفر للشرطِ والتقييدِ، وإنما ورد الحكمُ مقيداً به على (٣) الغالب في الوجود؛ إذ لا يعدم الماء غالباً إلا في السفر، وتكونُ الحالتان المقتضيتان للتقييد عندهم المرضَ وعدمَ الماء.
والقولُ بعدمِ الإعادة عندي أقوى من القول بالإعادة؛ لما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أن رجلاً قال للنبي - ﷺ -: إنا نكونُ بأرضِ الرمل، وفينا الجُنُبُ والحائضُ، ونبقى أربعةَ أشهرٍ لا نجدُ الماءَ، فقال النبيُّ - ﷺ -: "عَلَيْكُمْ بالأَرضِ" (٤) فهذا حاضرٌ وليس بمسافر، ولم يأمرْ بالإعادة، وهو في وقتِ الحاجة للبيان (٥).
ولقوله - ﷺ -: "الصَّعيدُ الطَّيِّبُ وَضوءُ المُسْلِمِ، ولَوْ لَمْ يَجِدِ الماءَ إلى عَشْرِ حِجَجٍ (٦)، وهذا عامٌّ بصيغة المبالغة ليس معه مخصّص.
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٢٥٧)، و"الشرح الكبير" للرافعي (٢/ ٣٣٧)، و"روضة الطالبين" للنووي (١/ ١٢٢).
(٣) "على" ليست في "أ".
(٤) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (٣٣١)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (٥٨٧٠)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٢٠١١)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (١/ ٣٧٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢١٦).
(٥) "للبيان" ليس في "أ".
(٦) رواه أبو داود (٣٣٢)، كتاب: الطهارة، باب: الجنب يتيمم، والنسائي (٣٢٢)، كتاب: الطهارة، باب: الصلوات بتيمم واحد، والترمذي (١٢٤)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، والإمام أحمد في =