وفي هذا ضَعْفٌ، فإن لفظَ الآيةِ ليسَ بِمُجْمَلٍ، بل هو في معنى الغايةِ أظهرُ من المَعِيّةِ؛ إذ هو المعنى الموضوعُ له، ولا تستعملُ في المعيةِ إلا تَجَوُّزًا.
وبعضُ أهلِ البَصْرَةِ مَنَعَهُ.
وحاولَ بعضُهم دلالَتَها مع بقائِها على أصلِ وَضْعِها، فقال: (إلى) هاهنا للإخراج، لا للإدخال؛ لأنَّ اسمَ اليدِ يُطْلَقُ (١) على العُضْوِ إلى المَنْكِبِ، فلو لم تردْ هذه الغايةُ، لوجبَ غَسْل اليدِ إلى المَنْكِبِ، فلما دخلتْ (إلى)، أخرجَتْ عن الغَسْلِ ما زادَ على المِرْفقَيْنِ، فانتهى الإخْراجُ إلى المِرْفقَيْنِ، فكأنه قالَ: واغْسِلُوا أيديَكُمْ، واتركوا من (٢) المَناكِبَ إلى المرافقِ.
وفي هذا بعدٌ ظاهرٌ؛ لما فيه من إيصالِ الغايةِ بمعنى غيرِ مذكورِ، وفصلِها عن مَعْنًى مذكورٍ مقصودٍ، واحتمالُ مجاز (٣) الاستِعارةِ أهونُ من ارتكابِ هذا المَجازِ البعيد.
ثم قال بعضُهم: وإن سَلَّمْنا أن (إلى) هنا معناها الغايةُ، فالمُغَيَّا يدخلُ في الغايةِ إذا كانت من جنِسه، والمِرْفَقُ من جنسِ اليدِ، ولا يدخلُ إن كانَ من غيرِ جنسه؛ كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧].
وما قالهُ هذا غيرُ خالٍ من النِّزاع، بل الصحيحُ عدمُ الدخولِ مُطْلَقًا، ووجهُ الدَّلالَةِ عندي من حَديثِ جابِرٍ -رضي الله تعالى عنه- قوله: كانَ إذا توضّأَ أدارَ الماءَ على مِرْفَقَيهِ، وهذا يدلُّ على التكْرار، مع أنه لم يُنْقَلْ أَنَّ
(٢) "من" ليست في "أ".
(٣) "مجاز" ليس في "أ".