امسحوا رؤوسَكُم بالماء، ونظيرُه قولُ الشاعرِ (١): [البحر الكامل]
ومَسَحْتِ بِاللِّثَتَيْنِ عَضْفَ الإثْمِدِ
يقولُ: إن لِثاتِك تضربُ إلى السُّمْرَةِ، فكأنكِ مَسَحْتِها بمسحوقِ الإثْمِدِ، فقلبَ مَعْمولَيْ مَسَحَ (٢).
وذهبَ بعضُ من قالَ بالتقدير إلى أنَّ معناها التبعيضُ (٣)، أي: من رُؤوسِكُم، وهو معنًى صحيحٌ شائعٌ في اللسانِ، قال به الكوفيون وبعضُ البَصْريين، قال عَنْتَرَةُ: [البحر الكامل]
شَرِبَتْ بِماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فَأَصْبَحَتْ | زَوْراءَ تَنفِرُ عنْ حِياض الدَّيْلَمِ (٤) |
وأجابَ الشافعيُّ عن احتجاجِه بقوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، فقال بِمَسْحِ الوجهِ في التَّيَمُّمِ بدلًا من غَسْلِه، فلا بدَّ أن يأتيَ بالمَسْحِ على جميعِ مواضِع الغَسْلِ منه، ومسحُ الرأسِ أصلٌ، فهذا فرقُ ما بينهما.
* ثم أمرهمُ اللهُ سبحانه بغسلِ الرِّجْلَيْنِ، أو مَسْحِهما، على اخْتِلافِ القراءتين.
(١) هو خُفاف بن نُدبة، وصدر البيت:
كنواحِ ريشِ حمامةٍ نجديةٍ
وهو من "شواهد سيبويه" (١/ ٩).
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٨٨)، و"مغني اللبيب" لابن هشام (١/ ١٤٣).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٣٤٤)، و"فقه اللغة" للثعالبي (ص: ٨٠)، و"المبسوط" للسرخسي (١/ ٦٣).
(٤) انظر: "ديوانه": (ص: ٥٩).
كنواحِ ريشِ حمامةٍ نجديةٍ
وهو من "شواهد سيبويه" (١/ ٩).
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٨٨)، و"مغني اللبيب" لابن هشام (١/ ١٤٣).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٣٤٤)، و"فقه اللغة" للثعالبي (ص: ٨٠)، و"المبسوط" للسرخسي (١/ ٦٣).
(٤) انظر: "ديوانه": (ص: ٥٩).