والرُّمّان، وكان بغيرِ المدينة، ولو كان زَكاتِيًّا، لأخذَ مِمَّا كانَ بالمدينة، وأمرَ بالأخذِ مِمّا كانَ في غيرِها؛ كما أخذَ في الإبِلِ والغنمِ، وأَمَرَ في البَقَرِ، ولو أخذَ هو أو أَحَدٌ من الخُلُفاءِ، لنقِلَ إلينا كما نُقِلَ أَخْذهُمْ مِنَ الدُّخْنِ (١) والسُّلْتِ (٢) والعَلَسِ (٣) والأَرُزّ، فلما لم يُنْقَلْ عنهم، عَلِمْنا أنهُ لا زكاةَ فيه، كما لم يُنقلْ عنهم أخذُ الزكاةِ في الياقوتِ واللُّؤلُؤِ، واستدلَلْنا على أن العِلَّةَ فيها هوَ القوتُ الذي تقومُ بهِ الأبدانُ؛ كما أن العِلَّةَ في النَّقْدَيْنِ كونُهما الثَّمَنِيَّةَ التي تُقَوَّمُ بها الأشياءُ.
فإن قيل: لا حاجةَ إلى نقلِه؛ فإن القرآنَ يكفي عن النقل.
قلنا: لا بدَّ من نقلِه ليتمَّ بيانُ النبيِّ - ﷺ - لِما أنزلَ اللهُ عليه، ولمّا لم يأمرْ بالأخذِ منها، ولم يأخذْ مع وجودِ الظاهرِ، علمْنا أنه واجبٌ فيها كسائرِ المتروكات.
واحتجوا بقوله - ﷺ -: "فيما سَقَتِ السماءُ العُشْرُ، وفيما سُقِيَ بِنَضْحٍ أو

(١) الدُّخن: الدُّخْنُ: هو حَبُّ الجاوَرْس، أملسُ جدًا، باردٌ يابس، حابسٌ للطبع. "القاموس" (مادة: دخن) (ص: ١٠٧٧).
(٢) السُّلْتُ: ضربٌ من الشعير، وقيل: هو الشعير بعينه، وقيل: هو الشعير الحامض، وقال الليثُ: السُّلْتُ: شعيرٌ لا قشرَ له أجردُ، وزاد الجوهري: كأنه الحنطة.
"اللسان" (مادة: سلت) (٢/ ٤٥).
(٣) العَلَسُ: حَبٌّ يؤكل، وقيل: هو ضربٌ من الحنطة، وقال أبو حنيفة: العَلَسُ: ضربٌ من البُرِّ جيد، غير أنه عسيرُ الاستنقاء، وقيل: هو ضرب من القمح يكون في الكمام منه حبتان، يكون بناحية اليمن، وهو طعام أهل صنعاء. قال ابن الأعراب: العَدَس يقال له العَلَس.
"اللسان" (مادة: علس) (٦/ ٤٦).


الصفحة التالية
Icon