أصحُّهُما: لا يُشْتَرَطُ العَوْدُ في الانتهاءِ، وإنما يشترطُ العودُ (١) في الابتداء (٢).
وذهب جماعةٌ من السلفِ إلى أن الآية مختصَّةٌ بأصحابِ بَدْرٍ، وأن الفرارَ من الزَّحْفِ ليسَ بكبيرةٍ في حَقِّ غيرِهم.
ويحكى عن ابنِ عباسٍ، وأبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، والحَسَنِ، وقَتادةَ، والضَّحاكِ؛ لأن الصحابَةَ وَلَّوْا يومَ أُحُدٍ وحُنَيْنٍ والإشارةُ بقولهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ [الأنفال: ١٦] إلى يومِ بدرٍ (٣).
وأجابَ مخالِفوهم بأنَّ الإشارةَ إلى يومِ الزَّحْفِ، لا يومِ بدرٍ، وذكروا أن نزولَ الآية بعدَ بدرٍ، وأما الفرارُ يومَ حُنينٍ، فيمكنُهم أن يجيبوا بأنهم تَحَيَّزوا إلى فِئَةٍ، وهيَ رسولُ اللهِ - ﷺ - وأواخرُ المسلمين (٤).
يدلُّ على ذلك ما خَرَّجَهُ مسلمٌ قال: قال رجلٌ للبَراءِ بنِ عازِبٍ: يا أبا عُمارَةَ! فَرَرْتُمْ يومَ حُنين؟ قال: لا واللهِ ما وَلَّى رسولُ الله - ﷺ -، ولكنه خَرَجَ بشبان أصحابه وأحفادهم حُسَّراً، ليسَ عليهم سِلاحٌ، أو كثيرُ سلاحٍ، فَلَقُوا قوماً رُماةً، لا يكادُ يسقطُ لهم سَهْمٌ، جَمْعُ هوازنَ وبني نَضْر، فرَشقوهم رَشْقاً، ما كادوا يُخْطِئون، فأقبلوا هناكَ إلى رسول الله - ﷺ -، ورسولُ اللهِ - ﷺ -
(٢) انظر: "روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ٢٤٧)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٢٢٥).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٩/ ٢٠١ - ٢٠٢)، و "تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٦٧٠ - ١٦٧٢).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (٩/ ٢٠٣)، و "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٤٦١)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٣٧).