وذهب قومٌ وأكثرُ أهلِ الظاهِرِ إلى أن نِصابَ الذهبِ أربعون دينارًا (١).
واعتلُّوا بأنه لم يثبتْ عنِ النبيِّ - ﷺ - في الذَّهَبِ كما ثَبَتَ في الفِضَّةِ، أما حديثُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، ففي إسنادِه ضَعْفٌ، وأما حديثُ الحَسَنِ بنِ عُمارَةَ، فقالوا أيضًا: ليسَ مِمَّا يجبُ العملُ به؛ لانفرادِ الحَسَنِ به، واستَمْسَكوا بمَحَلِّ الإجماع، وهو أربعون دينارًا.
وذهبَ قومٌ منهم عطاءٌ والزهريُّ إلى اعتبارِ الذهبِ بالفِضَّةِ، وجعلوها أصلًا للذَّهَبِ فيما دونَ أربعينَ دينارًا، فأوجبوا فيهِ الزكاة (٢)، وإذا بلغَ صَرْفُهُ مئتي دِرْهَمٍ، وإن كانَ وزنُه دونَ العِشْرين دينارًا حتى يبلغَ أربعينَ دينارًا، فإذا بلغَتْها اعْتبُرَ بنفِسه، وتمسَّكوا فيما دون مَحَلِّ الإجماعِ بقولِه - ﷺ -: "ليسَ فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ من الرِّقَةَ صَدَقَةٌ" (٣) وقالوا: إن الرِّقَةَ الذهَبُ والفِضَّةُ.
ولكنهم لم يسلمْ لهم ذلكَ، بل قالَ أكثرُ الناسِ: الرِّقَةُ الفِضَّةُ خاصَّةً، وقال بعضُهم: الرِّقَةُ الدَّراهِمُ خاصَّةً، وهو ضعيفٌ.
* وفي عُموم الآيةِ دَلالةٌ على وجوبِ الزكاة في الحُلِيِّ.
وبهِ قالَ عمرُ بنُ الخطابِ، وابنُ عَبّاسٍ، وابنُ مسعودٍ، وابنُ عُمَرَ، والزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حَنيفَةَ، والشافِعيُّ في أَحَدِ قوليه (٤).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٣١٩)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (٣/ ٢٦٧).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "الأم" للشافعي (٢/ ٤١)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (٣/ ٢٧١)، و "المجموع" للنووي (٦/ ٢٣ - ٢٦)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ١٧ - ١٨)، والأظهر عند الإِمام الشافعي: أنه لا زكاة في المباح من الحلي، انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣٩٠).