واستدلُّوا بما رُوي أنَّ امرأةً من اليَمَنِ أَتَتِ النبيَّ - ﷺ -، ومَعَها ابْنَتُها، وفي يدِها مُسْكَتانِ غَليظَتانِ منْ ذهَبٍ، فقالَ رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ: "أَتُؤدِّينَ زكاةَ هذا؟ " فقالت: لا، فقالَ عليهِ الصَلاةُ والسلامُ: "أَيَسُرُّكِ أن يُسَوِّرَكِ اللهُ بسِوارَيْنِ منْ نارٍ؟ " فخلعَتْهما، وألقتهما، وقالت: هما للهِ ولرسوله (١).
وقال قومٌ: لا تجبُ في الحُلِيِّ زكاةٌ؛ قياسًا على ثيابِ البَدَنِ وعَوامِلِ الإِبِلِ والبَقَرِ.
وبهِ قالَ جابِرٌ، وعائشةُ، والحَسَنُ، وابنُ المُسَيِّبِ، والشَّعْبِيُّ، ومالِكٌ، واللَّيْثُ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، واختارَهُ الشافِعِيُّ بِمِصْرَ (٢).
* إذا تَمَّ هذا، فقد نقلَ أبو الحسنِ الواحِدِيُّ عن أكثرِ المفسرينَ: أَنَّ قولَه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [التوبة: ٣٤] مُسْتَأْنَفٌ نازِلٌ في هذهِ الأُمَّةِ.
وعن قومٍ منهم أَنَّها فينا وفي أهلِ الكتابِ.
وخَرَّجَ البخاريُّ عن زَيْدِ بن وَهْبٍ قالَ: مَرَرْتُ على أبي ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ، فقلت: ما أنزلكَ بهذهِ الأرض؟ قال: كُنّا بالشامِ، فقرأتُ: {وَالَّذِينَ

(١) رواه أبو داود (١٥٦٣)، كتاب: الزكاة، باب: الكنز ما هو؟ وزكاة الحلي، والنسائي (٢٤٧٩)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الحلي، والدارقطني في "سننه" (٢/ ١١٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ١٤٠)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٨/ ١٢٦)، و"الاستذكار" لابن عبد البرّ (٣/ ٥١٩)، و "معرفة الآثار والسنن" للبيهقي (٣/ ٢٩٣)، و"المغني" لابن قدامة (٢/ ٣٢٢)، و "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٤٣١)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٢٣٤).


الصفحة التالية
Icon