يَرْضَ بحكمِ نبيٍّ ولا غيرِه في الصَّدقات حتى حَكَمَ هو فيها، فَجَزَّأَها ثمانيةَ أجزاءٍ، فإنْ كنتَ من نلكَ الأجزاءِ، أعطيتُكَ (١) حَقَّكَ" (٢)، فإن صَحَّ هذا الحديثُ فهوَ بمكانَةٍ من الظهورِ في الاستِحْقاق.
قلنا: هو كما ذكرتَ، ولكنه يدخلُه التأويلُ، فلقائلٍ أن يقولَ: إنما أرادَ النبيُّ - ﷺ - أَنَّ الله جَزَّأَ الصَّدَقاتِ إلى ثمانيةِ أجزاءٍ حتى يخرجَ من الصدقةِ مَنْ ليسَ من تلكَ الأجزاء، فيقطعَ طَمَعَهُم فيها كما قَطَعَ طَمَعَهُمْ رسولُ اللهُ - ﷺ -، فقال: "لا تَحِلُّ الصدقةُ لِغَنِيٍّ، ولا لِذي مِرَّةٍ سَوِي" (٣).
وكذا معنى قوله: ﴿فَرِيضَةً﴾ يجوز أن يكونَ فريضة تفسيرًا لِحَصْرِ الصَّدَقاتِ في المذكورين في الآيةِ دونَ غيرِهم، فقد حصرَها اللهُ سُبْحانه لهم، وفيهم، لا بينهم.
وهذا هو الذي أُفْتي به، وأختارُه.
فلم يُنْقَلْ أن النبيَّ - ﷺ - قسمَ الصدقةَ أقسامًا، فأعطى كُلَّ صنفٍ منها (٤) قِسْمًا، كما قسمَ الغنيمةَ بينَهُ وبينَ الغانِمينَ، وإنّما كان - ﷺ - يسدُّ منها

(١) في "ب" زيادة "أو أعطيناك".
(٢) رواه أبو داود (١١٣٠)، كتاب: الزكاة، باب: من يعطى من الصدقة، وحد الغنى، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ١٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤/ ٣٤٥ - ٣٤٦)، والمزي في "تهذيب الكمال" (٩/ ٤٤٥ - ٤٤٧).
(٣) رواه أبو داود (١٦٣٤)، كتاب: الزكاة، باب: من يعطى من الصدقة، وحد الغنى، والترمذي (٦٥٢)، كتاب: الزكاة، باب: من لا تحل له الصدقة، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٠٦٦٣)، والدارمي في "سننه" (١٦٣٩)، والدارقطني في "سننه" (٢/ ١١٩)، والحاكم في "المستدرك" (١٤٧٨)، وابن الجارود في "المنتقى" (٣٦٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٣)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٤) "منها"ـ: ليس في "أ".


الصفحة التالية
Icon