خَلَّةَ المحتاجينَ على اختلافِ أنواعِهم.
وقد قَدَّمْتُ ما اخترتُهُ في خُمُسِ الغنيمةِ أن اللامَ ليستْ للاستحقاقِ، وسيأتي -إن شاءَ اللهُ تعالى- مزيدُ بيانٍ في الفيء.
ولأنه لو كانَ لحقيقةِ التمليكِ في السِّهام (١) كما قالَ هؤلاء، لوجبَ إذا فُقِدَ صنفٌ من هذهِ الأصنافِ أن يكونَ نصيبُه لبيتِ المالِ، ولا يُرَدُ على بقيةِ الأصنافِ؛ لأن لهم حَظًّا مَعْلومًا، فلا يُعْطَوْنَ شيئًا لا يَمْلِكونَه، ولَوَجَبَ إن (٢) فَضَلَ على صِنْفِ (٣) سهمُهم، ونَقَصَ على (٤) الآخرين سَهْمُهُم أَلَّا يُرَدَّ عليهم، وهم لا يقولونَ بجميعِ ذلك.
فإن قلتَ: فهلْ نجدُ في الكتابِ أو في السُّنَةِ ما يَدُلُ على هذا؟
قلتُ: نعم: أما الكتابُ فقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ٢١٥] أيْ: يختص بهن (٥) هؤلاءِ المذكورونَ.
وأما السنةُ، فقولُه - ﷺ - لِمُعاذِ لَمّا بَعَثَهُ إلى اليمنِ: "وأعلمْهُمْ أنَّ عليهمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ من أغنيائِهم، وتُرَدُّ على (٦) فُقَرائِهم" (٧)، فالآيةُ جاءتْ لبيانِ الاختصاصِ، لا لبيانِ الاستحقاق، وحديثُ مُعاذٍ قصرَها على بعضِ الأصنافِ.
(٢) في "أ": "إذا".
(٣) "صنف" ليس في "أ".
(٤) في "ب": "عن".
(٥) في "ب": "به".
(٦) في "ب": "في".
(٧) تقدم تخريجه.