* إذا علمتَ هذا، فقد اختلفوا في صفاتِ بعضِ الأصنافِ، وهم الفقراءُ والمساكينُ والرقابُ وابنُ السبيلِ، واتَّفقوا في بعضٍ.
فأما الفقراءُ والمساكينُ: فقالَ الشافعيُّ: الفقراءُ: الزَّمْنَى الضعفاءُ الذينَ لا حِرْفَةَ لهم، وأهلُ الحِرَفِ الضعيفةِ الذين لا تقعُ حرفتُهم من حاجتِهم موقعًا. والمساكينُ: الذين لهمْ حرفةٌ تقع (١) موقعًا من كِفايَتِهم (٢)، فهمْ أحسنُ حالًا من الفُقَراء.
وهذا قولُ قتَادَةَ وبعضِ أَهْلِ اللغةِ (٣)، فكأَنَّ الحاجَةَ كَسَرَتْ فَقاره.
واحتجَّ له بأنَّ النبيَّ - ﷺ - كان يَتَعَوَّذُ من الفَقْرِ (٤)، ويسألُ الله المَسْكَنَةَ (٥)، وبقولهِ تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ [الكهف: ٧٩]،

(١) في "ب": "وتقع".
(٢) انظر: "الأم" للشافعي (٢/ ٨٣)، و "أحكام القرآن" للإمام الشافعي (١/ ١٦١ - ١٦٢)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٥/ ١٨٨ - ١٨٩)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٤٨٧).
(٣) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٥/ ٦٠)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٤٣)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٣٢٣).
(٤) روى أبو وداود (١٥٤٤)، كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة، والنسائي (٥٤٦٠)، كتاب: الاستعاذة، باب: الاستعاذة من الذلة، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٣٠٥)، وغيرهم عن أبي هريرة: أن النبي - ﷺ - كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أُظلم".
(٥) روى ابن ماجه (٤١٢٦)، كتاب: الزهد، باب: مجالسة الفقراء، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (١٠٠٢)، والطبراني في "الدعاء" (١٤٢٥)، والحاكم في "المستدرك" (١١٧٩)، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "اللهم أحيني مسكينًا، وتوفني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين". وفي الباب: عن عبادة بن الصامت، وأنس بن مالك.


الصفحة التالية
Icon