* وأَمَّا سبيلُ اللهِ:
فذهبَ الجمهورُ، ومالِكٌ، وأبو حنيفة، والشافعيُّ إلى أنه الجهادُ؛ لغلبةِ عُرْفِ الشرعِ في ذلكَ، فيُعطْى المجاهدون المُطَّوِّعون ما يَسْتعينون بهِ على غَزْوِهِمْ من رِزْقٍ وسِلاحٍ وكُراعٍ (١).
وذهبَ أحمدُ وإسحاقُ إلى أنه الحَجُّ (٢)؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [محمد: ٣٤]، ولأن النبيَّ - ﷺ - حَمَلَ على إِبِلِ الصَّدَقَةِ للحَجِّ (٣).
وإذا قلنا: المرادُ بِهِ الغُزاةُ في سبيلِ اللهِ، فهل يُعْطَوْنَ مُطْلقًا، أو بِتَقَيُّدٍ بحالةِ الفقر؟ فيه خلافٌ، وبالأولِ قالَ الشافعيُّ، وأحمدُ، والجمهورُ، وبالثاني قال أبو حنيفةَ.
كلا واتفقوا على أن الغارمَ المديونُ، وعلى أن ابنَ السبيل المسافرُ المُجْتاز، واختلفوا في المُنْشِئِ سفرًا من بلدِه، فأعطاهُ الشافعيُّ (٤)،

(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٣/ ٢١٣)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٠٢)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٤٥ - ٤٦)، و "ردّ المحتار" لابن عابدين (٢/ ٣٤٣)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٣٢٩)، و "الأم" للشافعي (٢/ ٧٢)، و "المجموع" للنووي (٦/ ٢٠٠)، و "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ١١١).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣٣٤)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٤٥٨)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٢٨٤)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٨/ ١٨٥).
(٣) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٤/ ٢٢١)، والبخاري في "صحيحه" معلقا بصيغة التمريض (٢/ ٥٣٤)، عن أبي لاس. وانظر: "تغليق التعليق" لابن حجر (٣/ ٢٥).
(٤) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٥٤٩ - ٥٥٠)، و "المجموع" للنووي (٦/ ٢٠٣)، و "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ١١١ - ١١٢).


الصفحة التالية
Icon