رسولَ اللهِ - ﷺ - أبي أن يصلِّيَ على رجلٍ قتلَ نفسَه (١).
* ومُقْتَضى هذا الخطابِ أَنَّ الصَلاةَ جائزةٌ على المؤمنين، بل أجمعَ المسلمونَ على وُجوبِها، ولم يَزَلِ النبيُّ - ﷺ - يُصَلِّي على مَوْتى المسلمينَ، إلَّا مَنْ كانَ مَدْيونًا؛ فإنهُ كانَ يأمرُ بالصَّلاةِ عليه، ولا يُصَلِّي عليه، ثم نُسِخَ ذلكَ (٢).
* واخْتَلَفوا في الشهيدِ:
فقال مالِكٌ والشافعيُّ: لا يُغَسَّلُ، ولا يصلى عليه (٣)، واحتجُّوا بما رواهُ جابرٌ -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي - ﷺ - أمر بشُهداء أُحُدٍ، فَدُفِنوا بثيابِهم، ولم يُصَلِّ عليهم، ولم يُغَسَّلُوا (٤).
وقال أبو حنيفةَ: لا يُغَسَّلُ، ويُصَلَّى عليه (٥)، واستدَل بما خَرَّجَهُ أبو داودَ عنِ ابنِ عباس -رضيَ اللهُ تَعالى عنهُما-: أن النبي - ﷺ -صَلَّى على قَتْلى أُحُدٍ، وعَلَى حَمْزَةَ، ولَمْ يُغَسَّلْ، ولم يُيَمَّمْ (٦)، واستدَلَّ أيضًا بأحاديثَ مُرْسَلَةٍ.
(٢) رواه البخاري (٢١٧٦)، كتاب: الكفالة، باب: الدين، ومسلم (١٦١٩)، كتاب: الفرائض، باب: من ترك مالًا فلورثته، عن أبي هريرة.
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البرّ (٥/ ١٢١)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١٧٥)، و "المجموع" للنووي (٥/ ٢١٥)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣٤٩).
(٤) رواه البخاري (١٢٧٨)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد.
(٥) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٣٢٤ - ٣٢٥)، ومذهب الإِمام أحمد: أنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، وفي رواية عنه: استحباب الصلاة، انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٠٤).
(٦) رواه أبو داود (٣١٣٧)، كتاب: الجنائز، باب: في الشهيد يغسل، لكن عن أنس بن مالك: أن النبي - ﷺ - مرّ بحمزة وقد مُثِّل به، ولم يصلِّ على أحد من =