(من أحكام البر والصلة)
١٨٦ - (١) قوله جَلَّ جلالُهُ: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)﴾ [الإسراء: ٢٣].
* عَظَّمَ اللهُ سبحانَهُ شأنَ الوالِدَيْنِ، فَقَرَنَ الإِحْسانَ إليهِما بعبادتِه جَلَّ وعَلا في هذهِ الآيةِ، وقَرَنَ شُكْرَهُ بشُكْرِهِما في مَوْضِعٍ آخَرَ، فقال: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤].
وورَدَ في السُّنَّةِ في بِرِّهِما أحاديثُ كثيرةٌ يطولُ بنا ذكرُها.
* ثم بَيَّنَ اللهُ سبحانَهُ صِفَتَهُما:
فأوجَبَ برَّهُما وإِنْ كانا كافِرَيْنِ، ثم بَيَّنَ ذلكَ في موضعٍ آخَرَ فقال: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥].
ثم فَصَّلَ الإحسانَ إليهما قَوْلًا وفِعْلًا: أمَّا القَوْلُ، فنهى اللهُ سبحانَهُ الولَدَ عن أنْ يقولَ لَهُما قَوْلًا قَبيحًا، وأَمَرَهُ أَنْ يقولَ لَهُما قَوْلًا كَريمًا، فقال: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)﴾ [الإسراء: ٢٣].
وأَمَّا الفِعْل، فأمَرَهُ أن يَخْفِضَ لَهُما جناحَ الذُّلِّ بسببِ الرَّحْمَةِ لَهُما،