واستدَلُّوا بما خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما- قال: جمعَ رسولُ اللهِ - ﷺ - بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشاءِ بالمدينةِ من غير خَوْفٍ ولا مَطَرٍ.
في حديثِ وكيعٍ، قال: قلتُ لابنِ عَبّاسٍ: لمَ فعلَ ذلكَ؛ قالَ: كيلا تُحْرَجَ أُمَّتُهُ (١).
ولم (٢) يُجَوِّزْهُ الشافِعيُّ ومالكٌ إلا في حالةِ الاضطرارِ (٣)، وبهِ أقولُ، بدليلِ تحديده - ﷺ - لأوقاتِ الصَّلاةِ، والحديثُ محمولٌ على أن الجمعَ جمعُ تأخيرٍ، وأَنَّهُ أَخَّرَ الأُولى إلى آخِرِ وَقْتِها؛ بحيثُ يفرغُ منها، ثم يدخلُ وقتُ الثانيةِ؛ بدليلِ مُداومتهِ - ﷺ - على فعلِ الصَّلَواتِ في أوقِاتها.
وعن ابن مسعودٍ: غَسَقُ الليلِ: إِظْلامُهُ (٤)، وذلك يتحقَّقُ عندَ غُروبِ الشفقِ.
وقرآنُ الفَجْرِ: هو صلاةُ الصُّبْحِ، فسره بذلك ابنُ عباسٍ وأبو هُريرةَ وسائرُ المفسرين -رضي الله تعالى عنهم (٥).
فيكونُ على هذا التفسيرِ في الآيةِ إشارةٌ إلى مواقيتِ الصَّلاةِ؛ لأنه دخلَ
(٢) في "ب": "فلم".
(٣) انظر: "روضة الطالبين" للنَّووي (١/ ٤٠١)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢٧٤)، و"الاستذكار" لابن عبد البرّ (٢/ ٢١١)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١٢٥).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٣٥).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" (١٥/ ١٣٩)، و"التفسير الكبير" للرازي (٢١/ ٢٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ٣٠٦ - ٣٠٧)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٣٢٢).