في الغايةِ، والمُغَيّا: صلاةُ الظهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ؛ كما أشار إليها في قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: ١٧، ١٨]، قدْ بَيَّنَهُ النبيُّ - ﷺ - كذلك، كما بينَهُ اللهُ تعالى بصلاةِ جِبريلَ- عليه الصلاةُ والسلام-.
روى ابنُ عَبّاسٍ رضيَ اللهُ تَعالى عنهما-: أنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - قالَ: "أَمَّني جِبريلُ -عليه السلام- عندَ بابِ البَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حينَ كانَ الفيءُ مثلَ الشِّراكِ (١)، ثم صَلَّى العَصْرَ حينَ كان ظِلُّ كُلِّ شيء بقدرِ ظِلِّه، وصَلَّى المَغْرِبَ حينَ أَفْطَرَ الصائِمُ، ثم صَلَّى العِشاءَ حينَ غابَ الشَّفَقُ، ثم صَلَّى الصُّبْحَ حينَ حَرُمَ الطعامُ والشرابُ على الصّائِمِ، ثم صَلَّى المَرَّةَ الأَخيرَةَ الظُّهْرَ حينَ كانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ قَدْرَ ظِلِّهِ قدر العَصْرِ بالأَمْسِ، ثم صَلَّى العَصْرَ حينَ كانَ ظِل كُلِّ شَيْءٍ مثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ القدرَ الأولَ، ولم يُؤَخِّرْها، ثم صَلَّى العِشاءَ الآخِرَةَ حينَ ذهبَ ثُلُثُ الليلِ، ثم صَلَّى الصُّبْحَ حينَ أَسْفَرَ، ثمَّ التفَتَ فقالَ: يا مُحَمَّدُ! هذا وَقْتُ الأنبياءِ من قبلِكَ، والوَقْتُ بيَن هذين الوَقْتَين" (٢).

(١) الشِّراك: -بكسر الشين-، وهو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، وتقديره هنا ليس للتحديد والاشتراط، ولكن الزوال لا يتبين بأقل منه.
"تهذيب الأسماء واللغات" (٣/ ١٥٣).
(٢) رواه أبو داود (٣٩٣)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المواقيت، والترمذي (١٤٩)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي - ﷺ -، والإمام الشافعي في "مسنده" (٢٦)، والإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٣٣)، وعبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٢٨)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٣٢٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٧٥٢)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (٢٧٥٠)، وابن الجارود في "المنتقى" (١٤٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٣٦٤).


الصفحة التالية
Icon