ويقعُ دلوكُها على غُروبِها، قالَ المُبَرِّدُ: دُلوكُ الشَّمْسِ: مِنْ لَدُنْ زَوالِها إلى غُروبها.
وبالغُروبِ فَسَّرَهُ ابنُ مَسعودٍ وابنُ عَبّاسٍ في روايةِ سعيدِ بنِ جُبيرٍ (١)، ويُروى عن عَلِيٍّ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه- وبهِ قالَ السُّدِّيُّ (٢)، فتكونُ الآيةُ على هذا التفسيرِ تدلُّ على وَقْتِ الغُروبِ (٣)، وعلى امتدادهِ إلى غسقِ الليلِ، وهو غُروبُ الشَّفَقِ، وعلى صَلاةِ الفَجْرِ، وبامتدادِ وقتِ المغربِ إلى غُروبِ الشفقِ.
أقول: لقوله - ﷺ -: "وَقْتُ صَلاةِ المَغْرِب ما لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ"، ولبيانِه - ﷺ - للسائِل في حديثِ أبي موسى الآتي قريبًا.
وبيانُ جبريلَ -عليه السلامُ- محمولٌ على الوقتِ المُختار؛ بدليل امتدادِ وقتِ العَصْرِ إلى الغُروبِ، ووَقْتِ العِشاء إلى طلوع الفَجْرِ، وهو لم يمدهما، فبيانُه ظاهرٌ، والظاهِرُ لا يعارِضُ النَّصَّ، وتكونُ الجملةُ الأولى من قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧)﴾ [الروم: ١٧] تدلُّ على مثلِ ما دَلَّتْ عليهِ هذهِ الآيةُ من بيانِ ميقاتِ صلاةِ المغرب وصَلاةِ الفَجْرِ، ثم يَدلُّ على صَلَاتَي العِشاءِ بقوله: ﴿وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: ١٨] تدلُّ على ميقاتِ الصَّلاةِ الخامِسَةِ، وهيَ صلاةُ العِشاءِ قوله تعالى: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ﴾ [النور: ٥٨]، وبهذا فَسَّرَ ابنُ عباسٍ الآيةَ الثانيةَ،

(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٥/ ١٣٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ٣٠٣).
(٢) انظر: "التفسير الكبير" للرازي (٢١/ ٢٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ٣٠٥ - ٣٠٦).
(٣) في "ب": "المغرب".


الصفحة التالية
Icon