(من أحكام المعاملات)
١٩٢ - (١) قوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٨].
قال ابنُ السِّكِّيتِ: النَّفْشُ: أَنْ تنتَشِرَ الغَنَمُ باللَّيْل تَرْعى بلا راعٍ (١).
قال أبو الحَسَنِ الواحديّ: قالَ المفسرون: دخلَ رجلانِ على داودَ، وعندَهُ ابنُهُ سُليمانُ -عليهما الصلاةُ والسلامُ- أحدُهما صاحِبُ حَرْب، والآخَرُ صاحِبُ غَنَم، فقالَ صاحبُ الحَرْثِ: إنَّ هذا انفلتَتْ غنمُه ليلاً، فوقعتْ في حَرْثي، فلم تبُقِ منه شيئاً، فقال: لكَ رِقابُ الغَنَمِ، فقال سليمانُ: أو غيرُ ذلك؛ ينطلقُ أصحابُ الكَرْمِ بالغَنَمِ، فَيُصيبون من ألبانِها ومنافِعها، ويقومُ أصحابُ الغنمِ على الكرمِ، حتى إذا كانَ كليلةِ نَفَشَتْ فيه، دفعَ هؤلاءِ إلى هؤلاءِ غَنَمَهُمْ، ودفعَ هؤلاءِ إلى هؤلاء كَرْمَهُمْ، فقالَ داودُ: القضاءُ ما قَضَيْتَ، وحَكَمَ بذلكَ (٢).
وجاءتْ شريعتُنا بمثلِ هذه الشريعةِ، فَضَمِنَتْ ما أفسدَتْهُ البهَائمُ باللَّيلِ دُونَ النهارِ.
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" (٤١٣٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١١٨)، عن ابن مسعود.