فقضى النبيُّ - ﷺ - في ناقَةٍ للبَراءِ بنِ عازب دخلَتْ حائِطَ قومِ، فأفسَدتْ: أَنَّ على أهلِ المَواشي حِفْظَها باللَّيلِ، وعلى أَهْل الأَموالِ حِفْظَها بالنَّهارِ (١).
وكان شُرَيْحٌ القاضي يضمنُ ما أفسدَتْهُ الغَنَم باللَّيلِ، ولا يضمنُ ما أفسدَتْهُ بالنهارِ، ويَتأوَّلُ هذهِ الآيةَ: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ [الأنبياء: ٧٨]، ويقولُ: كان النَّفْشُ بالليل (٢).
وبهذا أخذَ الشافعيّ ومالِكٌ (٣).
وذهبَ أبو حنيفةَ وأصحابُه إلى إهدارِ ما أتلفَتُهْ (٤)؛ لعمومِ قولهِ - ﷺ -: "العَجْماءُ جَرْحُها جُبارٌ (٥)، وفي رواية: "العَجْماءُ جُبارٌ" (٦).

(١) رواه أبو داود (٣٥٦٩)، كتاب: البيع والإجارات، باب: المواشي تفسد زرع قوم، وابن ماجه (٢٣٣٢)، كتاب: الأحكام، باب: الحكم فيما أفسدت المواشي، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٤٣٦)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٨٤٣٧)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ١٥٥)، وابن الجارود في "المنتقى" (٧٩٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣٤٢)، عن حرام بن محيصة، عن أبيه.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٧٩٧٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣٤٢)، وابن حزم في "المحلى" (١١/ ٤).
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البرّ (٧/ ٢٠٦ - ٢٠٧)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢٤٢)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١١/ ٣١٥)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ٤٦٦)، وهو مذهب الإمام أحمد، انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ١٥٦).
(٤) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٣/ ٣٠٣ - ٣٠٤)، و "الهداية" للمرغينانى (٤/ ٢٠١)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ١٧٠).
(٥) رواه البخاري (٦٥١٤)، كتاب: الديات، باب: المعدن جبار، والبئر جبار، ومسلم (١٧١٠)، كتاب: الحدود، باب: جرح العجماء جبار والمعدن والبئر جبار، عن أبي هريرة.
(٦) رواه البخاري (١٤٢٨)، كتاب: الزكاة، باب: في الركاز الخمس، عن أبي هريرة.


الصفحة التالية
Icon