وهذا الوَجْهُ بمذهَبِ مالكِ أَوْلى منهُ بمَذْهَبِ الشافعيِّ، فمذهبُ مالكٍ تخصيصُ العُمومِ بالعادةِ، دوُنَ الشافعىِّ.
وقالَ بعضُ أهلِ (١) العلم: يضمَنُ رَبط الماشيةِ ما أتلفَتْ، إلا إذا انفلتَتْ لعدمِ قدرته عليها (٢)، ويُروى هذا القولُ عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ -رضيَ اللهُ تعَالى عنه-.
وذهب الليثُ إلى أنه يضمَنُ بكُلِّ حالٍ، إلا أنه لا يضمنُ أكثرَ من قيمةِ الماشية (٣).
وهذا مخالفٌ للحديثِ، ولقياسِ شريعتِنا.
* ولَمَّا دَلَّ حديثُ البراءِ على أن على أهلِ الماشيةِ ضمانَ ما أفسدَتْه (٤) في بعضِ الأحوالِ، وهي الحالةُ التي يجبُ عليهم فيها حفظُها، دَلَّ على أنه يجبُ على رَبِّها ضمانُ ما أفسدَتْ إذا كانَ راكبًا أَوْ سائقاً أَوْ قائِدا؛ لأن عليهِ حِفْظَها في هذه الحالِ، سواءٌ أفسدت ليلاً، أو نهاراً، بفيها، أو بيدها، أو برجلها.
وقال أبو حنيفة: لا يضمن الراكب والقائد إلا ما تتلفه بفيها أو يدها (٥)، وأما (٦) ما تتلفه برجلها، فلا يضمن (٧).

(١) في "أ": "أصحاب".
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ٤٦٩).
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البرِّ (٧/ ٢٠٧)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢٤٢)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١١/ ٣١٥ - ٣١٦).
(٤) في "ب": "أفسدت".
(٥) انظر: "الهداية" للمرغينانى (٤/ ١٩٨ - ١٩٩).
(٦) في "ب": "فأما".
(٧) في "ب": "فلا يلزمه ضمانه".


الصفحة التالية
Icon