وذمَّ من فعلَ ذلك فقال: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [البقرة: ١١٤].
وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [الحج: ٢٥].
والذي أذهبُ إليه وأعتقدُه مَذْهباً لكافةِ أهلِ العلمِ -إن شاء الله تعالى-: أنَّ هذا الحُكْمَ قد زالَ وبَطُلَ، فلا يجوزُ لنا أن نتركَ مُشْرِكاً يقصُد البيتَ، ولو ابتغى بذلك رضوانَ الله تعالى في زعمه؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨].
فإن قال قائل: فلم عَمِلْتَ بهذِه الآية ولم تعملْ بآية المائدة (١)؟
قلت: لاتفاقِ أهلِ العلمِ على العمل بها دون غيرها.
فأجمعوا على أن الحربيَّ يُمْنَعُ من دخولِ المسجد الحرام (٢) (٣).
واختلفوا في الذِّمِّيِّ، فمنعه مالكٌ والشافعيُّ (٤)، وأباحه أبو حنيفةَ (٥).

(١) آية المائدة هي قوله تعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: ٩٧].
(٢) "الحرام" ليس في "أ".
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٢٧٩)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ٣٣٥)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٤٧٠).
(٤) وهو مذهب أحمد. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ٣٣٤)، و"الكافي" لابن قدامة (٤/ ٣٦٤)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٤٧٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٨/ ١٠٦).
(٥) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٢٧٨)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٤/ ٢٠٩).


الصفحة التالية
Icon