فإن قال: فهل تجدُ دليلاً من السنَّةِ على تقديمِها غيرَ عملِ الكافَّةِ من أهلِ العلم؟
قلت: نعم، أما آيةُ (براءة)، فقد ثبتَ في الصحيحِ أن النبيَّ - ﷺ - بعثَ علياً في سنةِ تسعِ ينادي بها: أَلا لا (١) يَحُجَّ بعدَ العامِ مشركٌ (٢).
وأما آيةُ المائدةِ، فروي أن نزولَها كان في عامِ الفتح في الحُطَمِ (٣) شُرَيْحِ البَكْرِيّ؛ كما قدمتهُ، وهذا كله يدلُّ على تأخرِ (براءة) عن المائدة، والله أعلم.
- الحكم الخامس: شعائرُ الله: أي: معالمُ دينِ الله.
وقد ذكرها الله سبحانه في مواضعَ من كتابه العزيز، فقال: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢].
وقال أيضاً: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨].
واختلفوا في تأويله.
فقيل: المرادُ به البُدْنَ المُشْعَرةَ.
وقيل: مناسكُ الحجِّ.
وقيل: ما حَرّمَ اللهُ في الإحرام.
وقيل: حدودُ التحليل والتحريم.
وقيل: حدودُ الحرم، فلا يجاوزها بغير إحرام (٤).
(٢) رواه البخاري (٤٣٨٨)، كتاب: بالتفسير، باب: قوله: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ...﴾ [التوبة: ٢]، عن أبي هريرة، عن علي بن أبي طالب.
(٣) "الحطم" ليس في "أ".
(٤) هذه الأقوال وقائليها في: "تفسير الطبري" (٦/ ٥٤ - ٥٦)، و "معالم التنزيل"=