واستدلَّ بأمر النبيِّ - ﷺ - بِمَقْلِ الذُّبابِ (١) إذا وقعَ في الطعامِ (٢)، ورأى أنَّ الدمَ علَّةُ التحريم، يوجدُ باحتباسِه، ويعدَمُ بإهراقه.
وزاد قومٌ آخرون على ما استثناه ميتةَ البحر؛ لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ﴾ [المائدة: ٩٦].
وإليه ذهبَ مالكٌ (٣).
وذهب الشافعيُّ إلى استثناءِ ميتةِ البحر خاصَّةً (٤)، فجمعَ بين الآياتِ والآثارِ.
أما الآياتُ فخصَّ بخُصوصِ آيةِ البحرِ عمومَ قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣].
واستدلَّ على تخصيصها لآية التحريم دونَ أن تكونَ آيةُ الميتةِ مخصِّصَةَ لصيدِ البحر بقوله - ﷺ -: "أحِلَّتْ لنا مَيْتَتانِ ودَمانِ" (٥) وبقوله - ﷺ - في البحر:

= (١/ ١٣٥)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٣٥)، و"الهداية شرح البداية" للمرغيناني (٤/ ٦٩).
(١) مَقْل الذباب: المَقْلُ: الغَمْسُ يقال: مَقَلَه في الماء: غمسه. "القاموس" (مادة: مقل) (ص: ٩٥٣).
(٢) روى البخاري (٥٤٤٥)، كتاب: الطب، باب: إذا وقع الذباب في الإناء، عن أبي هريرة: أن رسول الله - ﷺ - قال: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم، فليغمسه كله، ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء، وفي الآخر داء".
(٣) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٥٦)، و "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٧٩)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٣١٨).
(٤) وهو مذهب أحمد. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٥/ ٦١)، و"المستصفى" للغزالي (ص: ١٨٧)، و "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٣٨).
(٥) تقدم تخريجه.


الصفحة التالية
Icon