* وأما الدمُ، فقد أطلقه الله سبحانه هنا، وقيدهُ في موضعٍ آخر بكونه دمًا مسفوحًا، والمسفوحُ هو المَصْبوبُ، قال طَرَفَةُ: [البحر الكامل]

إنِّي وجَدِّكَ ما هَجَوْتُكَ وَإلا نْصابُ يُسْفَحُ فَوْقَهُنَّ دَم" (١)
* وقد أجمع المسلمون على تحريمِ المسفوحِ؛ لهذه الآية، ولغيرها من الآيات (٢).
* واختلفوا في غيرِ المسفوحِ.
فقال الجمهورُ بتحليل القليلِ الغيرِ المسفوحِ؛ تقديمًا لمفهومِ التقييدِ على الإطلاق.
وقال قومٌ بتحريمِ الدَّمِ مطلقًا، إما تقديمًا للقياس على المفهوم؛ فإن كلَّ حَرامٍ لا يَتبَعَّضُ ولا يُفَرَّقُ بين قليلهِ وكثيرِه، وإما حَمْلًا للمفهوم على الجامِدِ كالكَبد والطِّحالِ، بدليلِ الأثرِ: "أُحِلَّتْ لنا مَيْتتَانِ ودَمانِ، أَمَّا المَيْتَتانِ: فالحَوتُ والجَرادُ، وأما الدَّمانِ: فالكَبِدُ والطَّحالُ" (٣) (٤).
* ثم اختلفوا أيضًا:
فمنهم من عمل بعمومِ اللفظ، فحكمَ بنجاسةِ الدمِ كله من الحيوانِ البرِّيِّ والبحريِّ (٥).
= القرآن" للجصاص (١/ ١٣٧)، و "المبسوط" للسرخسي (١٢/ ٦).
(١) انظر "ديوانه": (ق ٦٠/ ١)، (ص: ١٧٠)، من قصيدة قالها معتذرًا إلى عمرو بن هند.
(٢) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢٢/ ٢٣٠).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٢٩١)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٣٤٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٧/ ١٢٤).
(٥) وهو رواية عن الإمام مالك، وقول عند الشافعية، وبه أخذ أبو يوسف من=


الصفحة التالية
Icon