وبهذا قال الشافعيُّ (١).
وأوجب مالِكٌ الذكاة (٢).
وذكاتُه قتلُه، إما بقطعِ رأسِه، أو غيرِ ذلك.
واستدللنا أيضًا بذلكَ على أنَّ كلَّ حيوانٍ تحلُّ ميتتُه لا يَحتاج إلى ذكاةٍ؛ كصيدِ البحرِ، وهذا إجماع بين (٣) المسلمين أيضًا (٤).
فإن قال قائل: فهل هذا الاستثناءُ متصلٌ أو منفصلٌ؟ وهل هو راجعٌ إلى المُحَرَّماتِ كُلِّها، أو يختصُّ بالأخيرِ منها؟
قلت: رجوع الاستثناء على الجملة الأخيرة، وهي ما أكل السبع مُتَّصِلٌ؛ لصدقِ اسمِ الأكيلِ عليه عندَ حُصول التذكية، وإن لم يزهقْ روحَه.
وأما الأمورُ الأربعةُ، فمن لاحظَ وقوعَ اسمِ المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة عليها قبل الموت مجازًا، كان الاستثناءُ عندهُ مُتَّصِلًا أيضًا، وهذا هو الأقربُ إن -شاء الله تعالى-.
ومن لاحظَ صدقَ الأسماءِ حقيقةً؛ إذ لا تسُمى هذه المحرماتُ قبلَ الموتِ منخنقةً ولا موقوذة ولا مترديةً ولا نطيحةً إلا على سبيل التجوُّز، منعَ عودَ الاستثناء إلى هذه الجملِ الأربعِ، اللهمَّ إلا أن يجوزَ حملُ اللفظِ الواحدِ على معنيين مختلفين، فيحمل الاستثناءُ على الاتصال في أكيلِ السبعِ، وعلى الانفصال في الذي قبله، وفي ذلك خلاف عندَ أهلِ النظر.
(٢) انظر: "المدونة الكبرى" (٣/ ٥٨)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٣٨٢).
(٣) في "أ": "من".
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٣٨٢).