* قوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٣].
قد تقدم الكلامُ عليه.
* * *
١٠٧ - (٤) قوله عزَّ وجَلَّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [المائدة: ٤].
* أحل الله سبحانه بهذه الآية شيئين: الطيباتِ من الرزق، والصيدَ.
* والمُراد بالطيبِ في هذه الآيةِ ما تَستطيبه نفوسُ العربِ.
وعزاهُ الواحديُّ إلى عامَّةِ المفسرين، فقال: قال المفسرون: أحل الله للعرب ما استطابوا ممّا لم ينزلْ تحريمُه تلاوةً مثلَ الضبابِ، واليَرابيعِ (١)، والأرانب، وغيرها، فكلُّ حيوان استطابتهُ العربُ فهو حلالٌ، وكلُّ حيوانٍ استخبثتهُ العربُ، فهو حرامٌ (٢).
وهذا التفسيرُ ظاهرٌ من قوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧].
* ثم أحل الله الكريمُ لنا في هذه الآية صيدَ البرّ بإمساكِ الجَوارح المُكَلَّبةِ فقال: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ [المائدة: ٤] أي: وصيدُ ما عَلَمْتُم من الجوارح، وأحله أيضًا لنا في غير هذه الآية بإصابةِ السلاح؛ حيث قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤].

(١) اليرابيع: مفرده: يَرْبُوع: قال الأزهري: هي دويبَّةٌ فوق الجُرَذ، الذكر والأنثى فيه سواء. "اللسان" (مادة: ربع) (٨/ ١١١).
(٢) انظر: "تفسير الواحدي" (١/ ٣٠٩).


الصفحة التالية
Icon