٢٢٠ - (٤) قوله جَلَّ جَلالُهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩].
* أقولُ: قد (١) شرعَ اللهُ سبحانَه في هذهِ الآيةِ في المرأةِ غيرِ الممْسوسَةِ ثلاثَةَ أحكامٍ، فأوقعَ عليها الطلاقَ، ولم يوجِبْ عليها العِدَّةَ، وأوجَبَ لها المُتْعَةَ.
* أما الطلاقُ، فقد أجمعَ المسلمون على وقُوعِ الطلاقِ عليها إذا قالَ لها: أنتِ طالقٌ، فتطلُقُ واحدةً، وإذا قالَ: أنتِ طالقٌ ثلاثاً، فتقع ثلاثٌ عندَ من أوقعَ الثَّلاثَ. لما روي أن محمدَ بنَ إياسِ بنِ البُكَيْر جاءَ إلى عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ وعاصمِ بنِ عمرَ، فقالَ: إن رَجُلاً من أهلِ الباديةِ طَلَّقَ امرأتَهُ ثلاثاً قبلَ أن يَدخُلَ بها، فماذا تريان؟ فقالَ ابنُ الزبيرِ: إن هذا الأمرَ ما لَنا فيهِ قولٌ، اذهبْ إلى ابنِ عباسٍ وأبي هريرةَ، فإني تَرَكْتُهما عندَ عائشةَ، فاسألْهما، ثم ائْتِنا فأَخْبِرْنا، فذهبَ فسألَهما، فقالَ ابنُ عباسٍ لأبي هُريرةَ؛ أَفْتِهِ يا أبا هريرة: فقد جاءَتْكَ مُعضِلَةٌ، فقالَ أبو هريرة: الواحدةُ تبُينها، والثلاثُ تُحَرِّمُها حتى تنكحَ زَوْجاً غيره، وقالَ ابنُ عباس مثلَ ذلكَ، وفي راويةٍ: وتابَعَتْهُما عائشةُ (٢).
ورويَ أيضًا عنْ علي، وزيدٍ، وابنِ مسعودٍ، وعبدِ اللهِ بنِ

(١) "قد" ليس في "أ".
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٧١)، ومن طريقه الإمام الشافعي في "المسند" (٢٧١)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ٥٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٣٥).


الصفحة التالية
Icon