(من أحكام النكاح)
٢٢٧ - (١) قولُه جَلَّ جَلالُهُ: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤].
* أقول: أرشدَ اللهُ سُبحانَهُ نبيَّهَ أَيّوبَ - ﷺ - إلى الحِيْلَةِ في دَفْعِ الحِنْثِ، وكان ذلكَ شريعةً له - ﷺ -.
واختلفَ علماءُ شريعتِنا هل يكونُ شريعةُ مَنْ مَضى مِنْ قبلِنا شَرعًا لنا إذا لمْ يوجدْ في شريعتِنا ما يُخالِفُها ولا ما يوافقُها؟
فذهب مالكٌ وطائفةٌ معه إلى أنها ليستْ بشرعٍ لنا، ولهذا قَالَ: لا يبرُّ الحالِفُ بمثلِ عَمَلِ أيوبَ -عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ-.
وذهبَ الشافعيُّ وطائفة أخرى إلى أنَّه شَرعٌ لنا، ولهذا قَالَ: يَبَرُّ الحالِفُ بمثلِ عملِ أَيّوبَ النبيِّ -عليه السلام - (١).
فإن قلتُم: فإنَّ الله سبحانَهُ قصَّ لنا عن شُعيبٍ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وكان أَعْمى أنَّه أَنْكَحَ إِحدى ابْنَتَيْهِ على عَمَلٍ لنفسِه من غيرِ استِئمارٍ لها، ولم يقلْ بهِ الشافعيُّ -رحمهُ اللهُ تعالى-.
قلنا: أما التزويجُ على عَمَلٍ، فقدْ قَالَ بهِ الشافعي (٢)؛ لِما روى سَهْلُ بنُ

(١) انظر: "الفروق" للقرافي (٤/ ٢٩٢)، و "الموفقات" للشاطبي (٢/ ٢٦٩)، و "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٣٤٨)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١٦/ ٥٧).
(٢) قال الشافعي في "الأم" (٥/ ٥٩): وجوز أن تنكحه على أن يخيط لها ثوبًا، أو =


الصفحة التالية
Icon