١٩٦ - ١٩٧ (٣ - ٤) قوله عَز وجَل: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٨ - ٢٩].
أقول: اشتملتْ هاتانِ الآيتانِ على جُمَلٍ من الأَحْكامِ:
الجملةُ الأولى: المنافعُ المشهودَةُ.
قال الواحِدِيُّ: أكثرُ المفسرينَ جعلوها منافعَ الدنيا التي هي التجارةُ والأرزاقُ، وهو قولُ السُّدِّيُّ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وابنِ عَبّاسٍ في روايةِ أبي رَزينٍ (١)، فدلَّ على جَوازِ التجارةِ كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨].
ومنهُمْ من خَصَّها بمنافعِ الآخِرَةِ، وهو قولُ سعيدِ بنِ المُسَيّبِ والعَوْفِيِّ، واختيارُ الزَّجَّاجِ.
ومنهم مَنْ عَمَّمَها فيهما، وهو قولُ مجاهدٍ، وروايةُ عطاءٍ عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهم- (٢).
الجملة الثانية: اختلفوا في الأيامِ المعلومات.
فقال الحَسَنُ ومُجاهدٌ، وابنُ عباسٍ في روايةِ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: هيَ الأيامُ العَشْرُ، وقيلَ لها: المعلوماتُ تَحْريضاً على عِلْمِها؛ لأنها وقتُ الحَجِّ، وآخرُها يومُ النَّحْرِ، وبه أخذَ أبو حنيفةَ والشافعيُّ (٣).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (١٧/ ١٤٧)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ٤١)، و "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٣٧).
(٣) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٤/ ٢٥٥)، و"التفسير الكبير" للرازي =