وأحسِبُ الشافعيَّ قالَهُ (١) في الجَديد (٢).
وقالَ قومٌ: يعتَقُ عنهُ (٣)، وبهِ أقولُ؛ لما رَوى عبدُ الرَّحمنِ بْنُ أبي عَمْرَةَ: قلتُ للقاسمِ بنِ مُحَمَّدٍ: أينفعها -يعني أُمَّهُ- أنْ أُعْتِقَ عَنْها؟ فقالَ القاسمُ: إنَّ سعدَ بنَ عُبادة قَالَ لرسولِ اللهِ - ﷺ -: إنَّ أُمِّي هَلَكَتْ، فهلْ يَنْفَعُها أَنْ أُعْتِقَ عنها؟ فقالَ النبيُّ - ﷺ -: "نعم" (٤).
وقد أعتقَتْ عائشةَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنها - عَنْ أخيها، وقدْ ماتَ عَنْ (٥) غيرِ وَصِيَّةِ (٦).
- وأجمعوا على أنه يصلُه ما ليسَ من عَمَلِه إذا كانَ أصلُ وجودِه من عَمَلِه، ثم انقطعَ بموته، فإنه لا ينقطعُ؛ كالصَّدَقَةِ الجاريةِ، وهي الوقفُ والتّحبيسُ والعِلْمُ المنتفَعُ بهِ بعدَ موتِه، وإجراءُ نَهْرِ، وحَفْرُ بئرِ، وغَرسُ شَجَرَةِ، وقد وردَ ذلكَ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (٧).
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٧/ ٦٥)، و"معرفة السنن والآثار" (٥/ ١٠٦).
(٣) وهو قول مالك والشافعيُّ في القديم. انظر: "المدونة الكبرى" (٨/ ٣٤٧)، و"معرفة السنن والآثار" (٥/ ١٠٦).
(٤) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٧٩)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٧٩)، عن القاسم بن محمد مرسلًا.
(٥) في "ب": "من".
(٦) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (٦/ ٤٥٤)، وانظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ٤٨١).
(٧) روى أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٣٤٤)، وابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٢٤٧)، والديلمي في "مسند الفردوس" (٣٤٩٢)، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سبع يجري أجرها للعبد بعد موته وهو في قبره، مَنْ علّم علمًا، أو أجرى نهراً، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلاً، أو بني مسجدًا، أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته".