الطَّلاقُ، فهذا لم يُحَققْ ما أرادَ من تَحْريمِها بالطَّلاقِ، فإمساكُه يدلُّ على أنه عائدٌ فيما قالَ؛ بدليلِ أَنَّ رفعَ الإمساكِ يرفعُ الكَفارَةَ، وهو إذا طَلَّقَ عقيبَ الظهارِ، فبقاءُ الإمساكِ يدلُّ على بَقاءِ الكَفارَةِ (١).
قالَ الشافعي - رحمَهُ اللهُ تَعالى-: الذي حَفِظْتُ مِمَّا سمعت في الذين يعودون لِما قالوا أَنَّ المُتَظاهِرَ حَرَّمَ امرأتهُ بالظهارِ، فإذا أتتْ عليهِ مدةٌ بعدَ القولِ بالظهار، لم يُحَرِّمْها بالطَّلاقِ الَّذي يحرمُ بهِ، ولا بشيءٍ يكونُ له مخرجٌ من أن يحرم به، فقد وجبتْ عليهِ كَفارَةُ الطهارِ، كأنهم يذهبون إلى أنه إذا أمسَكَ ما حَرَّمَ على نَفْسِه أنه حَلالٌ، فقد عادَ لِما قالَ، فخالَفَهُ، فأَحَلَّ ما حَرَّمَ.
قال: ولا أعلمُ مَعْنًى أَوْلى بهِ من هذا.
قال: ولا أعلمُ مُخالفًا في أَنَّ عليهِ كفارةَ الظهارِ، وإنْ لمْ يتظاهَرْ ظِهاراً آخَرَ (٢).
ولما رأى مالكٌ -رحمَهُ اللهُ- عدمَ ظُهور مَعْنى العَوْدِ في الإمساكِ، جعلَ العَوْدَ إرادةَ الوطْءِ والإمساكَ جميعًا.
وقولُ مالِكٍ أقربُ إلى المَعْنى، وقولُ الشافِعيِّ أَحْوَطُ في وجُوبِ (٣) الكَفارَةِ، واللهُ أعلمُ.
* ثمَّ بينَ اللهُ سبحانَهُ هذهِ الكَفارَةَ وخِصالَها، وأنها إِعْتاقٌ، فإن لمْ يجدْ، فصيامُ شهرينِ مُتَتابِعَيْنِ، فإن لم يَسْتَطعْ، فإطعامُ سِتينَ مسكيناً.

(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ٤٣٣).
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ٢٧٩).
(٣) في "ب": "إيجاب".


الصفحة التالية
Icon