امرأتِه، ثم وَقَعَ عليها قبلَ أن يكفِّرَ، فأتى رسولَ اللهِ - ﷺ -، وذكر لهُ ذلكَ، فأمرَهُ أن يُعْتِقَ رقبةً، فإنْ لمْ يجدِ الرقبةَ، فَلْيَصُمْ شَهرينِ مُتتابعين من قبلِ أن يتماسّا، فإن لم يستطعِ الصَّوْمَ، فليطعمْ ستينَ مِسكينًا (١).
* وأطلقَ اللهُ سبحانَهُ وتَعالى الإطعامَ، ولم يقيدْ مَحَلَّهُ، وإطلاقُه محمولٌ على تقييدِ غيرِه منْ أنواعِ هذهِ الكَفَّارَةِ عندَ عامةِ أهلِ العلمِ (٢)؛ خلافًا لابنِ حَزْمٍ؛ فإنه قالَ: من فَرْضُهُ الإطعامُ يجوزُ لهُ المَسُّ قبلَ التكفيرِ (٣).
* وأطلق اللهُ سبحانَهُ الإطعامَ، ولم يبينْ مقدارَ طعامِ كلِّ مسكينٍ:
فقالَ الشافعيُّ: طعامُهُ مُدٌّ بِمُدِّ رسولِ اللهِ - ﷺ - (٤):
واستدلَّ عليهِ بما رُوي أن سَلَمَة بنَ صَخْرٍ البَياضِيَّ جَعَلَ امرأتَه عليهِ كظهرِ أُمِّه إِنْ غَشِيَها حَتَّى يَمْضيَ رَمضانُ، فَلمّا مَضى النصفُ منْ رمضانَ، سَمِنَتِ المَرْأَةُ وتَرَبَّعَتْ، فأعجبَتْهُ، فَغَشِيَها ليلاً، ثم أَتى النبيَّ - ﷺ -، فذكرَ ذلكَ لهُ، فقالَ لهُ: "أَعْتِقْ رَقَبَةً"، فقال: لا أجدُ، قال: "صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابعَيْن"، قال: لا أستطيعُ، قال: "أطعمْ ستينَ مسكيناً"، قال: لا أجدُ، قال: فَأتِي النبيُّ - ﷺ - بعَرَقٍ فيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صاعًا، أو سِتَّةَ عَشَرَ صاعًا، قال: "فَتَصَدَّقْ بِهذا على سِتِّينَ مِسكيناً" (٥).
ويستدلُّ عليه أيضًا بحديثِ الذي جامَعَ امرأتَه في شَهْرِ رمضانَ (٦).

(١) انظر تخريج الحديث الآتي.
(٢) انظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص: ٢٨٥)، و"المهذب" للشيرازي (٢/ ١١٤).
(٣) انظر: "المحلى" لابن حزم (١٠/ ٥٠).
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ٢٨٥).
(٥) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٠)، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وأبي سلمة، بهذا السياق.
(٦) تقدم تخريجه.


الصفحة التالية
Icon