الهَدْيُ الواجِبُ كَهَدْيِ الجُبْرانِ وهَدْيِ الكَفَّارَةِ والأُضْحِيَةِ المَنْذُورةِ، فَلا يجوزُ الأكلُ منها.
وقد انتهى القولُ بنا في بيانِ حُكْم الأضحيةِ جِنْساً ووَقَتْاً، ابتداءً وانتهاءً، وأما بيانُ صِفَتِها، فسيأتي -إنْ شاء اللهُ تعالى-.
الجملة السادسة: أَمَرَهُمُ الله سبحانه بقَضاءِ التَّفَثِ، وهو الوَسَخُ والقَذارَةُ من طولِ الشَّعْرِ والأَظْفارِ والشَّعَثِ (١)، قال الشاعرُ (٢): [البحر البسيط]

جَفَوا رُؤُوسَهُمُ لَمْ يَحْلِقُوا تَفَثاً ويَنْزِعُوا عَنْهُمُ قَمْلاً وصِئْبانا
وقال مالِكُ -رحمه اللهُ-: التَّقَثُ: حَلْقُ (٣) الشَّعْرِ، ولُبْسُ الثّيابِ، وما يَتْبَعُ ذلكَ (٤).
وقد اختلفَ العلماءُ في حقيقةِ هذا الأمرِ: فمنهم من حَمَلَهُ على حقيقتِه، وقال: الحِلاقُ نُسُكٌ، وبهِ قالَ مالِكٌ، وهو الصحيحُ من قَوْلَيِ الشافعيِّ.
ومنهم من حَمَلهُ على الإباحَة؛ لتقدُّم الحَظْرِ، وبهِ قالَ الشافعيُّ في القولِ الآخرِ (٥).
(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ١٩١)، و"لسان العرب" (٢/ ١٢٥) مادة (تفث).
(٢) هو لأمية بن الصَّلتِ، البيت (١٤) من قصيدة:
الحمدُ لله ممسانا ومصبحنا بالخير صَبَّحَنَا ربي ومسانا
(٣) في "ب": "حلاق".
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٣١٥).
(٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٣١٣ - ٣١٤)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٦٩)، و"المجموع" للنووي (٨/ ١٥١)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٥٠٥)


الصفحة التالية
Icon