أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] يعني: المهرَ إذا كانوا أَعْطَوْهُنَّ إياه.
قال: وجاء أَخَواها يطلبانِها، فمنعَها - ﷺ - منهُما، وأخبرَ أن الله -تَبارَكَ وتعالى- نقضَ الصُّلْحَ في النساء، وحكم فيهن غيرَ حكمِه في الرجال.
قال: وإنما ذهبتُ إلى أن النساءَ كُنَّ في الصُّلحِ، وحكمَ فيهن بأنه لو لم يدخلْ رَدُّهُن في الصُّلح لم يُعْطَ أزواجُهن فيهن عِوَضًا.
وزعمَ بعضُهم أن النساءَ لم يدخُلْنَ في الصُّلحِ، واحتجَّ بما رواهُ معمرٌ عنِ الزهريِّ أنه قالَ في هذهِ القصةِ: وقال سُهَيلٌ: على أَلاّ يأتِيَكَ مِنّا رجلٌ، وإن كانَ على دينِكَ إلَّا رَدَدَتْهَ علينا (١).
فإن قلتُم: فهل يجوزُ للإمامِ اليومَ أن يعقدَ الصلحَ مع المشركينَ على ما عقدَ عليهِ النبي - ﷺ - عامَ الحديبيةِ منْ شرطِ رَدِّ المسلمينَ؟
قلتُ: أما شرطُ ردِّ المسلمات، فلا يجوزُ؛ لأنه منسوخٌ، والعملُ بالمنسوخِ غيرُ جائز (٢).
وأما رَدُّ الرجالِ، فإن شرطَ، رُدَّ من لهُ عشيرة تمنع منه.
فقال الشافعي وأصحابُه: إنه يجوزُ شرطُ رَدّهِ؛ لأنه يأمن على إظهارِ دينه، وإن لم تكنْ لهُ عشيرةٌ، فلا يجوز شرطُ ردّه، وإن أطلقَ العَقْدُ فلا يجوزُ؛ لأنه دخلَ (٣) فيه من يجوزُ رَدُّه ومَنْ لم (٤) يجوز (٥).
وفي هذا التفصيلِ نظرٌ؛ لأن النبي - ﷺ - أطلقَ العقدَ، ولاشكَّ أن بمكةَ كثيرًا مِمَنْ لا يقدرُ على إظهارِ دينه، ولأنه كانَ في قريشٍ من يُفْتَنُ عن دينهِ،

(١) في "ب": "إلينا". انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ١٩١ - ١٩٣).
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ١٩١)، و"المحلى" لابن حزم (٧/ ٣٠٧).
(٣) في "ب": "يدخل".
(٤) في "أ": "لا".
(٥) انظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٢٦٠).


الصفحة التالية
Icon