رُوي عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ: أنَّه قال: "إنَّما تجبُ الجُمُعَةُ عَلى مَنْ سَمِعَ النداءَ، فمن سمعَهُ، فلم يأتِه، فقد عَصى رَبَّهُ" (١) ورويَ عنهُ مرفوعاً إلى النبيِّ - ﷺ -: "الجُمُعَةُ عَلى مَنْ يَسْمَعُ النِّداءَ" (٢).
وبالأخير قال الشافعيُّ (٣).
وعن مالكٍ قولانِ كالأخيرينِ (٤).
* ومفهومُ الخِطاب يقتضي أنَّه لا يَجِبُ السعيُ قبلَ النِّداءِ، وإذا لم يَجِبِ السعيُ، جازَ له أن يعملَ بما يُناقِضُ السَّعْيَ ويُبْطِلهُ مثلَ السفرِ إلى مَوْضِعٍ لا جُمُعَةَ فيه.
وبهذا قالَ الشافعيُّ في أحدِ قولَيه (٥)، وهو مذهبُ عمرَ -رضي الله تعالى عنه- رُويَ عنهُ أنَّه أبصرَ رَجُلاً عليهِ أُهْبَةُ السفرِ يقولُ: لولا أنَّ اليومَ يومُ جُمعةٍ، لخرجتُ، فقال: اخرجْ؛ فإن الجمعةَ لا تحبِسُ عن سَفَرٍ (٦).
وروى الزهريُّ مُرْسَلاً: أن النبيَّ - ﷺ - خرجَ لسفرٍ يومَ الجمعةِ منْ أولِ النهار (٧).

(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٧٣)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، موقوفاً عليه من قوله.
(٢) رواه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٦)، والبيهقيّ في "السنن الكبرى" (٣/ ١٧٣)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً.
(٣) هذا لمن كان خارج المصر، أما من كان داخل المصر فتجب عليه الجمعة سواء سمع النداء أو لا، وهناك شروط أخرى. انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (١/ ١٩٢)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٤٠٤).
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٥٨).
(٥) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (١/ ١٨٩).
(٦) رواه عبد الرَّزاق في "المصنف" (٥٥٣٧).
(٧) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٨٧ - ١٨٨)، عن الزُّهريّ مرسلاً.


الصفحة التالية
Icon