ورويَ عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ وعمرَ بنِ عبدِ العزيز: أنهُ لا يُنْشِئُهُ يومَ الجمعةِ حتَّى يُصَلِّيَها (١).
ورويَ عن معاذِ بنِ جبلِ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه- ما دلَّ على ذلك، وبهِ قالَ الشافعيِّ في قولهِ الآخر (٢).

فصل


واعلموا -رحمكم اللهُ- أنَّ الجمعةَ وردَ بيانُ فعلِها من النَّبي - ﷺ - على هيئةِ مخصوصةِ مخالفةٍ لسائرِ الصلواتِ، فصلاها ركعتينِ، وخَطب فيها خطبتين قائمًا، وقعدَ بينَهما، وفعلَها في جماعةٍ، وفي مَحَلِّ استيطانِ، وفي مسجدِ واحدِ، وكان يتطَهَّرُ لها بالاغتسالِ، ويقرأُ فيها بشيءِ مخصوصٍ، وهو: الجمعةُ، والمنافقون، وسَبِّحْ، والغاشِية.
ولما رأى أهلُ العلمِ والاستنباطِ أنَّ هذهِ الأفعالَ والأحوالَ المقترنةَ بهذه العبادةِ التي ظهرَ بقصدِ الشارع الاعتناءُ بها لها مناسبة بهذهِ العبادة، اعتبروها، واشترطوها في خصوصِ هذه العبادة، ولم يختلفوا إلَّا بحسبِ اختلافِهم فيما ظهرَ لهمْ بالدليلِ على أن قصدَ الشارع لم ينهضْ في ذلكَ سبباً للوجوب، وها أنا أتكلمُ في هذه الأمورِ بحسبِ ما يليقُ بكتابي هذا، ولا أُخليهِ عن ذلكَ؛ لعظمِ موقعِ الجمعةِ من دينِ اللهِ تباركَ وتعالى، فأقول:
* أما الصلاةُ، فقد اتفقَ المسلمون على أَنَّها رَكْعتانِ.
وأمَّا الخُطْبة:
فقدِ اتفقَ جُمهورُ العلماءِ على أنها واجبة.
(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٣٧٥).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٤٢٥)، و "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٢/ ٤٧١).


الصفحة التالية
Icon