وقَال قَليلٌ منهم: الخطبةُ سُنَّةٌ، وليستْ بواجبةِ كسائرِ المواعظِ، وبه قالُ ابن الماجشون المالكيُّ (١).
وهو ضعيفٌ؛ لنقلِ الخلفِ عن السلفِ، ولأنها تخالفُ سائرَ المواعظِ؛ لترتيبِها، ولأنها داخلة في ذكرِ اللهِ سبحانَهُ الذي أمرَ بالسعيِ إليه (٢).
ولهذا قال الشافعيُّ بوجوبِ الألفاظِ الراتبةِ في خطبةِ رسولِ اللهِ - ﷺ -؛ من حَمْدِ اللهِ تبارك وتعالى، والصَّلاةِ على نبيِّه محمدٍ - ﷺ -، والوصيةِ بتقوى اللهِ تعالى، وقراءةِ القرآنِ، وبوجوبِ الجلوسِ بينَ الخطبتين (٣)، وإنْ خالفَهُ في ذلكَ مالكٌ (٤).
* وأمَّا الجماعةُ فقدِ:
اتفقوا على اشتراطِها.
ولكن اختلفوا في أَقَلِّ الجمعِ بحسبِ اختلافِ أهلِ اللسانِ في ذلك، هل هو اثنان، أو ثلاثة.
ثم اختلف هؤلاء هل الإمامُ في الاثنينِ أو الثلاثةِ، أو لا؟ فمنهم من قال: يكفي واحدٌ مع الإمام (٥).

(١) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٤/ ٢٤٩).
(٢) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١١٦)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٨/ ١٠٧).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (١/ ٢٠٠)، و "المجموع" للنووي (٤/ ٤٣٥).
(٤) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢/ ١٦٥)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١١٧).
(٥) وهو قول الحسن بن صالح وأبو ثور. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٤٠٩).


الصفحة التالية
Icon