* وأمر اللهُ سبحانَه بالابتغاءِ منْ فَضْلِه، وهو التجارةُ، والأمرُ للإرشادِ (١)، ولا يجوزُ أن يُحْمَلَ على الوجوب؛ لأنَّ النبيَّ - ﷺ - لمَ يَبْتع تِجارةً بعد مهاجَرِه إلى المدينة.
* وأمرَ بذكرِه كثيرًا، فيحتملُ أن يكونَ أرادَ مطلقَ الذِّكْر (٢).
ويحتملُ أن يكونَ أرادَ النافِلَةَ بعدَها (٣)، وقد بينَ ذلكَ النبيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم - فقال: "إذا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيصَل بَعْدَها أَرْبَعاً" (٤)، وفي رواية: "مَنْ كانَ منكُمْ مُصَلِّياً، فَلْيصَلِّ، بَعْدَ الجُمُعِةَ أربعاً"، أخرجَهُ مسلم في "صحيحه".
* * *
٢٥٥ - (٣) قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: ١١].
* روينا في "صحيح مسلم": أنَّ النَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم - كانَ يخطُبُ قائِماً يومَ الجمعةِ، فجاءت عِيرٌ منَ الشامِ، فانفتلَ النَّاسُ إليها حتَّى لم يبقَ إلَّا اثنا عَشَرَ رجلًا، فأنزلتْ هذه الآيةُ التي في الجُمعة: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ (٥) [الجمعة: ١١].

(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٤٣)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٣٣٢).
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٥٩)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٨/ ١٠٩)، و "الأذكار" للنووي (١/ ١٣٦)، و "تفسير البيضاوي" (٥/ ٣٣٩)، و "تفسير ابن كثير" (٤/ ٣٦٨).
(٣) لم أقف على من فسر ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ على النافلة بعد الجمعة.
(٤) رواه مسلم (٨٨١)، كتاب: الجمعة، باب: الصَّلاة بعد الجمعة، عن أبي هريرة.
(٥) رواه مسلم (٨٦٣)، كتاب: الجمعة، باب: في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾.


الصفحة التالية
Icon