٢٥٨ - (٣) قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: ٤].
معنى قوله تَعالى: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ أي: شَكَكْتُمْ في حُكْمِهِنَّ، لم تَعْلَموا عِدَّتَهُنَّ.
وذلك أنهم سألوا، وقالوا: عَرَفْنا عِدَّةَ التي تَحيضُ، فما عدةُ التي لا تَحيضُ، والتي لم تَحِضْ بَعْدُ؟ فبينَ اللهُ سبحانَهُ ذلكَ بهذهِ الآيةِ، فواجب على الآيسَةِ ثلاثةُ أشهُرٍ، وكذا الصغيرةُ التي لم تَحِضْ.
وعلى هذا أجمعَ المسلمونَ، حتَّى استنبطَ السَّلَفُ كابنِ عباسٍ، وجابرِ بنِ زيدٍ، والحَسَنِ، والشعبيِّ من مفهومِ هذا أنها إذا اعتَّدتْ بالأشهرِ حَتىّ شارَفَتِ انقضاءَها، ثم حاضَتْ، أنها تعتدُّ ثلاثةَ أقراء، فليست من اللائي لم يحضن (١).
وبهذا قال كثيرٌ من الشافعيةِ، والأصحُّ عندهم أن تحسُب ما مَضَى قرءاً (٢).
وهذا الحكمُ في حْقَّ الحُرَّةِ.
وأمَّا الأَمَةُ:
فمن يقولُ باندِراجِها في خِطاب الحُرَّةِ في عِدَّتِها، فهذا مثلُه (٣).

(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٥٢)، و "شرح فتح القدير" لابن الهمام (٤/ ٣١٨).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٢٥٥)، و "روضة الطالبين" للنووي (٨/ ٣٧١).
(٣) وهو مذهب الظاهرية. انظر: "المحلى" لابن حزم (١٠/ ٣٠٦ - ٣١١).


الصفحة التالية
Icon