ومن يقولُ بالتشطير هناك، فقد اختلفوا هنا على (١) ثلاثة أقوالٍ:
فقال بعضُ الصحابِة: تعتدُّ بثلاثةِ أشهرٍ، وإليهِ ذهبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ (٢)، والشافعيُّ في القديم (٣)؛ لأنَّ الحَمْلَ لا يَتبَيَّنُ في أَقَلَّ من ثلاثةِ أشهر.
وقالَ بعضُهم: تعتدُّ بشهرٍ ونصْفِ؛ كتشطيرِ الطلاقِ والحَدِّ، وبهِ قالَ الشافعيُّ في الجديد، وقالَ: إنه أَقْيَسُ، وإن كانَ الأولُ أَحْوَطَ (٤).
وقالَ عمرُ: تعتدُّ بشهرينِ (٥)، وكأنَّهما عوضٌ من الحيضتينِ.
وهو قولٌ أو وَجْهٌ للشَّافعيةِ (٦).
وقد تقدمَ الكلامُ على ذواتِ الحَمْلِ، واللهُ أعلمُ.
* * *
٢٥٩ - (٤) قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦].
(٢) رواه عبد الرَّزاق في "المصنف" (١٢٨٩٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٦٦٤٣).
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١١/ ٣٣٣)، و "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٦/ ٤٣).
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (٥/ ٢١٦)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١١/ ٣٣٣).
(٥) رواه عبد الرَّزاق في "المصنف" (٧/ ٢٢١)، وسعيد بن منصور في "السنن" (١/ ٣٤٤).
(٦) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١١/ ٢٢٤).