* اتفقَ أهلُ العلمِ على أنَّ الرجعيَّة (١) مُرادةٌ بالآية، وأنَّ الله سبحانَهُ أوجبِ لَها السُّكنى، وإذا وَجَبَتِ السُّكنى، وَجَبَتِ النفقةُ؛ لأنها تابعة للسُّكنى، وقد اتَّفقوا على ذلكَ أيضاً (٢).
* وإنَّما اختلفوا في المَبْتُوتَةِ.
فمنهم من لم يوجبْ لَها السُّكْنى، واستدلَّ بما رَوَتْ فاطمةُ بِنْتُ قيسٍ: أَنَّ أبا عَمْرِو بنَ حَفْصٍ طَلَّقَها أَلْبَتَّةَ، وهو غائبٌ، فأرسلَ إليها وكيلُه بشعير، فَسَخِطَتْهُ، فقال: واللهِ مالكِ علينا مِنْ شيءٍ، فجاءتْ رسولَ اللهِ - ﷺ -، وذكرتْ له ذلكَ، فقالَ: "ليسَ لكِ عليهِ نَفَقَة"، وفي لفظ آخر: "ولا سُكْنى"، فأمرهَا أن تعتدَّ في بيتِ أُمِّ شَريكٍ، ثم قالَ: "تِلْكَ امرأةٌ يَغْشاها أَصْحابي، اعْتدِّي عندَ ابنِ أمِّ مكتومٍ؛ فإنهُ رَجُلٌ أعَمْى، تَضَعينَ ثِيابَكِ عنْدَهُ" (٣).
وإذا لم تجبْ لها السُّكْنى، لم تجبْ لها النفقةُ.
وبهذا قالَ أحمدُ (٤)، وداودُ (٥)، وأبو ثورٍ، وإسحاقُ (٦).
وذهبَ أبو حنيفةَ وموافقوه من الكوفيين إلى أنَّه يجبُ لَها السُّكنى والنفقةُ (٧).
واستدلُّوا بِعُمومِ القرآنِ.

(١) في "أ": "الرجعة".
(٢) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٧١)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٨/ ١٦٧).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ١٨٥).
(٥) انظر: "المحلى" لابن حزم (١٥/ ٢٩١)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٧١).
(٦) انظر: "شرح صحيح البُخاريّ" لابن بطال (٧/ ٤٩٢)، و "المغني" لابن قدامة (٨/ ١٣٢).
(٧) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٥٦).


الصفحة التالية
Icon